مقالات » حزب الله يضع استراتيجية للتعامل مع التداعيات السورية


The JamesTown Foascii117ndation
12 تموز، 2013
أندرو ماكغريغور

على الرغم من الإدانة لدورهم العسكري في سوريا من جانب عناصر سنية في لبنان والخارج، يصر زعيم حركة حزب الله الشيعية على أن الحركة على الطريق الصحيح وبأن دورها في الحفاظ على حلف 'المقاومة' ضد إسرائيل سوف يكون مبرراً في الأيام القادمة. ووفقاً لصحيفة موالية لحزب الله، قال الشيخ حسن نصر الله في اجتماع مغلق لقادة حزب الله وكوادره أنه بغض النظر عن التصعيد في القتال: 'فإن نتائج ما يحدث سوف يكون في مصلحة قوى المقاومة ... والأيام القادمة ستؤكد أن القرارات التي صدرت خلال العامين الماضيين كانت صحيحة، سواء أكان ذلك فيما يتعلق بالوضع في لبنان أم بما يحدث في سوريا ' ( صحيفة السفير [بيروت]، يوليو 3).

وجاء اجتماع حزب الله قبل أيام فقط من تفجير سيارة مفخخة أصيب من جرائها أكثر من 50 شخصا في بئر العبد في ضاحية بيروت الشيعية بغالبيتها في 9 يوليو/  تموز. وعلى الرغم من أن الانفجارقد فُسِّر، وعلى نطاق واسع، بأنه وفاءً للمتطرفين السنة الذين يقاتلون في سوريا بوعودهم باستهداف الضواحي الشيعية في جنوب بيروت إذا لم يستجب حزب الله لطلب سحب دعم جيشه لنظام الأسد،  فقد قال النائب علي عمار بأن الهجوم 'يحمل بوضوح بصمة العدو الإسرائيلي وأدواته '( صحيفة ديلي ستار [بيروت]، 10 تموز).

ينظر العديد من اللبنانيين  إلى تدخل حزب الله اللبناني إلى جانب القوات الموالية للنظام في سوريا باعتباره انتهاكاً مباشراً لإعلان بعبدا، وهو اتفاق 2012 بين الإئتلافيْن السياسيين اللبنانيين المتنافسين 8 و 14 آذار الساعي إلى الحفاظ على السلام في لبنان عن طريق الحفاظ على البلد من الصراعات 'الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية ' (صحيفة ديلي ستار [بيروت]، 20 فبراير).

كما أصيب بالهلع أيضاً العديد من الفئات السياسية في لبنان بسبب تقارير عن مشاركة حزب الله في عمليات الجيش اللبناني ضد جماعة متطرفة سلفية في صيدا خلال معركة استمرت يومين، وذلك في 22 – 23 يونيو/ حزيران. بدأ الحادث عندما نصب مسلحون يعملون تحت قيادة الشيخ أحمد الأسير كميناً لمركز للجيش اللبناني في منطقة عبرا في مدينة صيدا في 22 يونيو/ حزيران ، مما أسفر عن مقتل 18 جندياً وإصابة أكثر من 50 ومقتل 28 مسلح سلفي. فالأسير معارض صريح لدعم حزب الله العسكري لنظام الأسد في سوريا ومن بين أتباعه فضل شاكر (الملقب بفضل عبد الرحمن الشمندر)، وهو مغني سابق معروف تخلى عن الموسيقى غير الإسلامية للانضمام إلى حركة الأسير في عام 2011. وخلافاً لتقارير سابقة ذكرت بأن الأسير وشاكر قد قتلا في المعركة، فقد ثبت بأن جثتين من الجثث المحترقة اللتين كان يعتقد بأنهما تعودان للرجلين كانتا في الواقع لمسلحيْن وذلك بعد اجراء اختبارات الحمض النووي وصدرت في أعقاب ذلك مذكرات قضائية للقبض على الأسير وشاكر (قناة المنار، 3 يوليو/تموز).

أعلنت صحيفة بيروتية مستقلة أن الناس في صيدا مقتنعون بأن عملية عبرا في 22-23 يونيو/ حزيران كانت ' عملية استخباراتية عسكرية بإدارة حزب الله وبالتواطؤ مع القوات المسلحة اللبنانية '( صحيفة صدى البلد [بيروت]، 3 يوليو/تموز). وأصدر تجمع العلماء المسلمين السنة اللبنانيين بياناً أصروا فيه على القول بأن حزب الله لم يكن متورطاً فحسب في معركة عبرا، وإنما قد يكون مشاركاً: ' لقد ثبت من خلال الوقائع، والصور، والشهادات من الناس في صيدا بأن أنصار حزب إيران ) أي حزب الله ( وبلطجية كتائب المقاومة قد انضموا الى الجيش اللبناني عند مهاجمة مسجد بلال بن رباح المسجد ومحيطه '( موقع بوابة صيدا [صيدا]، 29 حزيران).

يصر وزير الدفاع اللبناني فايز غصن على القول بأن حزب الله لم يكن يقاتل في صيدا، مشيراً الى أن  الجيش اللبناني يعاني من صعوبة في تأمين الحدود مع سوريا، نظراً لالتزامه بنشر 15000 جندي في جنوب لبنان وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 (صحيفة الأخبار [بيروت]، 1 يوليو/تموز).

واشتكى النائب أحمد فتفت، العضو البارز في تيار المستقبل التابع لسعد الحريري ( تيارالمستقبل جزء من ائتلاف 14آذار المعادي لسوريا )، في منتصف يونيو/ حزيران قائلاً بأن الجيش اللبناني 'بدأ بالسقوط تحت تأثير حزب الله '، مدعياً أن مقاتلي حزب الله كانوا قادرين على المرور بحرية عبر حواجز الجيش على طول الحدود السورية ( صحيفة ديلي ستار [بيروت]، 16 يونيو/ حزيران). إن ترسيخ شراكته مع الجيش اللبناني أمر مهم بالنسبة لحزب الله، الذي يضع في اعتباره احتمال أن إسرائيل قد تستفيد من الهاء السوريين للقيام بضربة أخرى تهدف إلى القضاء على الحركة الشيعية بعد صدها في محاولة سابقة في 2006. إن فرق مكافحة الاستخبارات الإسرائيلية مشغولة برصد تحركات حزب الله وتسعى وراء أهداف له على طول المنطقة الحدودية لاستخدامها في حال وقوع صراع متجدد (صحيفة القدس بوست، 28 يونيو/حزيران).

إن تعاون الجيش اللبناني المحتمل مع حزب الله يشكل معضلة بالنسبة للولايات المتحدة، المؤيدة القوية للجيش إنما الخصم الملتزم ضد حزب الله. وفي زيارة قام بها مؤخراً إلى لبنان، أدان نائب وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز دور حزب الله في الصراع السوري، قائلا: 'على الرغم من عضويته في الحكومة اللبنانية، قرر حزب الله أن يضع مصالحه الخاصة ومصالح أنصاره الخارجيين فوق مصالح الشعب اللبناني '( صحيفة ديلي ستار [بيروت]، 1 يوليو/تموز).

أفادت التقارير بأن حزب الله كان يعاني أيضاً من خلافات حول قضايا داخلية مع العماد ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر ووصل الأمر إلى ذروته مع ائتلاف 8 آذار السياسي في 10 يوليو/ تموز، عندما أعلن زعيم حركة أمل الشيعية نبيه بري انسحاب حزبين من الأحزاب الشيعية (حركة أمل وحزب الله) من الائتلاف، المتكون، من عداهما، من مسيحيين واشتراكيين وعدد من الأحزاب السنية الصغيرة. ووفقاً لبري، فإن الانفصال الودي نسبياً لن يعطل التنسيق بينهم في مجال السياسة الخارجية: 'نحن نتفق مع عون حول القضايا الاستراتيجية مثل المقاومة والموقف من اسرائيل، لكننا لا نتفق حول قضايا داخلية '( صحيفة ديلي ستار [بيروت]، 10 يوليو/تموز). أما إحدى نقاط نقاط الخلاف الرئيسة بين فئتيْ ائتلاف 8 آذار المنحل فهي إعادة تعيين العماد جان قهوجي قائداً للجيش اللبناني، وهي خطوة عارضها الجنرال عون وآخرين كثر ممن يشككون بكونه متعاطفاً مع حزب الله. ويأتي الانقسام في الوقت الذي يحاول فيه لبنان تشكيل حكومة جديدة هذا الشهر برئاسة رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، الذي رفض بالفعل مطالب حزب الله بخصوص نقض قرارات جديدة للحكومة (موقع نهارنت [بيروت]، 3 يوليو/تموز).

مع تعرض حزب الله لانتقادات حادة من قبل مجموعة واسعة من المعارضين السياسيين، بدأت الحركة بهجوم إعلامي جديد مصمم لاستخدام كبار الأعضاء لتوضيح فهم الحركة لدورها في لبنان، وعزمها على مكافحة المتطرفين 'التكفيريين' في سوريا و لبنان واستعدادها لإعادة الانخراط  والحوار مع جميع الحركات الإسلامية ( صحيفة السفير [بيروت]،3 يوليو/تموز). مع ذلك، إن الانقسامات الطائفية الموجودة في لبنان تعني بأن حزب الله سيعاني من مشكلة في إقناع من هم من غير الشيعة اللبنانيين بصوابية تحول سلاحه ضد اللبنانيين (حتى ولو ضد المتطرفين التكفيريين)، في الوقت الذي ستثبت فيه أكثر صعوبة تبرير دعمه نظام  الأسد في سوريا نظراً لعدم الشعبية الواسعة للحكومة السورية في أجزاء كثيرة من لبنان. إن المقصد الرئيس لحزب الله هو الحفاظ على حركة 'المقاومة' المعادية لإسرائيل عبر كل هذه الصعوبات، على الرغم من أن انهيار ائتلاف 8 آذار قد يكون إشارة مبكرة عن تسجيل انشقاقات ناشئة داخل المقاومة.

موقع الخدمات البحثية