تلاخيص كتب » قراءة في كتاب: الجذور التاريخية للمشروع الصهيوني في لبنان

عبدالله الصالح العثيمين
مؤلف هذا الكتاب هو الباحث الأستاذ بدر الحاج. وقد أصدرته دار مصباح الفكر في بيروت عام 1982م في مئة وتسع وخمسين صفحة مشتملة على مدخل، فمقدمة، فنصوص معرّبة من كتابين محتويين على مذكرات ليهوديين سياسيين هما إلياهو ساسون والياهو إيلات. وعنوان كتاب ساسون: (في الطريق إلى السلام)، وهو مكوّن من 408 صفحة، وصادر بالعبرية سنة 1978م. أما عنوان كتاب إيلات فهو: (جلوس العرب وصهيون). وهو مكوّن من 461 صفحة، وصادر بالعبرية سنة 1974م. وكلا المؤلفين يتحدث عن العلاقات السياسية بين الوكالة اليهودية وبعض الزعماء السياسيين والدينيين في لبنان خلال سنوات الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي.
ومؤلف كتاب الجذور التاريخية الأستاذ بدر الحاج، لبناني يعيش الآن في لندن، ويقتني مكتبة خاصة تعنى بالنوادر من الكتب القيمة.
ومن جهوده المتصلة بالمملكة العربية السعودية جمعه لصور فوتوغرافية ثمينة عن الحجاز والرياض أخرجت ضمن كتاب: (المملكة العربية السعودية: صور من الماضي) ومن الواضح في كتابه الذي تناوله هذه القراءة، أنه مدافع جادٌّ عن قضايا الأمة العربية التي يحاول الصهاينة والمتعاونون معهم تقسيمها إلى دويلات طائفية وعرقية.
أما اليا هو ساسون، مؤلف كتاب: (في الطريق إلى السلام)، فصهيوني، كان مبعوثاً رسمياً للاستيطان اليهودي إلى عرب فلسطين والدول المجاورة لها، وهو والد سفير الكيان الصهيوني إلى الكنانة بعد اتفاقية كامب ديفيد التي كان من نتائجها السلبية على قضية فلسطين خروج مصر - بكل ثقلها المعنوي والاستراتيجي والبشري - من دائرة المواجهة الجادة مع الصهاينة المغتصبين لفلسطين وقدسها الشريف، المصممين على طمس هويتها العربية الإسلامية.
وأما اليا هو إيلاف، مؤلف كتاب: (جلوس العرب وصهيون) فكان مسؤولاً عن علاقات الدائرة السياسية التابعة للوكالة اليهودية مع الدول العربية خلال الفترة التي هي مدار حديثه في كتابه، أو مذكراته.
ولقد أشار الأستاذ بدر الحاج في المدخل الذي عمله لكتابه، إلى أنه استند في مادة الكتاب إلى ترجمة لبعض نصوص كتابي ساسون وإيلات قام بها الأستاذ أديب أبو علوان، وإلى أنه - قبل تحليله للمادة المترجمة - لا بد من التنويه بما يأتي:
أولاً: إنه لا يؤرخ للعلاقات السياسية بين الوكالة اليهودية وبعض الزعماء اللبنانيين لأن ما نُشِر عن اللقاءات بين الطرفين مذكرات لصهاينة يخضع نشرها، عادة، للمراقبة العسكرية.
ثانياً: إن اللقاءات بين الطرفين قبل قيام دولة إسرائيل - وإن كانت تتم بشكل طبيعي - تلقي أضواء على أدوار بعض الشخصيات العربية في التنسيق مع الوكالة اليهودية، سواء كانت تلك الشخصيات سياسية أو صحفية.
ثالثاً: إن النصوص المترجمة ليست مشتملة على كل الاتصالات بين الطرفين العربي واليهودي، بل هي فقط ما لساسون وإيلات صلة بها.
رابعاً: إن اتصالات الوكالة اليهودية لم تقتصر على بعض الزعامات اللبنانية، وإنما شملت زعامات أخرى في سورية والأردن والعراق ومصر.
خامساً: ربما كان في كلامي ساسون وإيلات مبالغات، وربما كان بعض الزعماء العرب على جهل بنوايا الوكالة اليهودية.
سادساً: إن دراسة الحركة الصهيونية للوضع العربي دراسة عميقة كان لها دور كبير في نجاحها الذي توالى من سنة 1882م إلى سنة 1948م.
أما المقدمة التي وضعها الأستاذ بدر الحاج لكتابه، والمكونة من ثلاثين صفحة، فدراسة موثقة تحليلية لما تُرجم من مذكرات ساسون وإيلات من جهة، وللأحداث التي زامنت كتابة تلك المذكرات وأعقبتها حتى إصدار الكتاب عام 1982م. وكان مما ذكره في تلك الدراسة التحليلية الموثقة أنه لا يمكن فصل المشروع الصهيوني في فلسطين عن الخطة الاستعمارية الغربية للسيطرة على المشرق العربي؛ بدءاً باتفاقية سايكس - بيكو عام 1916م، واستمراراً في محاولة تفتيت ما اتُّفق على تقسيمه في تلك الاتفاقية على أساس طائفي وعرقي. ومن أدلة ذلك أن رئيس وزراء فرنسا، ميلاران، اقترح عام 1920م، على الجنرال غورو تقسيم سورية إلى ثلاثة عشر شكلاً من أشكال الانفصال، لكن تصور الجنرال كان تقسيمها إلى أربع دويلات هي: لبنان الكبير، ودويلة دمشق، ودويلة حلب، ودويلة اللاذقية.ووعدت سلطات الانتداب الفرنسي بإقامة وطن قومي للشركس في الجولان.
وما لكاتب هذه السطور إلا أن يقول: إذا كانت تلك هي أهداف الاستعمار القديم فإن الاستعمار الجديد المتمثل في الجبروت الأمريكي لم يبعد عن تلك الأهداف.
ومشروع كيسنجر الذي طرحه قبل ثلاثين عاماً، والهادف إلى تقسيم المنطقة العربية على أساس طائفي وعرقي لم يخرج عن أهداف سلفه من المستعمرين الغربيين. وإذا كان آخر عمل قام به الأمريكيون تفتيت منطقتنا العربية تبنِّي الناقمين من أقباط مصر الذين لا يعبرون عن موقف أكثرية أقباطها؛ وذلك بإتاحة الفرصة لهم كي يعقدوا مؤتمرهم في الكونغرس نفسه، فإنه لن يكون آخر أعمالهم العدائية الحاقدة على أمتنا العربية المسلمة.
ولقد كان من آمال الصهاينة قبل عام 1948م قيام دولة مسيحية في لبنان تكون حليفاً لهم ومبرراً لقيام دولتهم، وتكون ذات حدود معها ليتم التعاون بين الطرفين، ولقد تجلى تعاونهم مع أعداء العروبة من مسيحيي لبنان؛ ابتداء من عام 1976م، ثم ترسّخ في حركة الرائد سعد حداد الذي قاد ما سُمِّي جيش لبنان الجنوبي.
ويبدو أن اتصالات اليهود ببعض زعماء العرب بدأت بتلك التي أجراها وايزمن مع الأمير فيصل بن الحسين أواخر عام 1918م. ثم بلوروا نشاطهم، فمولوا الجامعة الوطنية الإسلامية، عام 1921م، لإضعاف الجمعية المسيحية ـ الإسلامية التي كانت تقف ضد المطامع اليهودية في فلسطين. وتوالت اتصالاتهم ببعض الزعماء العرب ومن ذلك تلك المحادثات التي أجراها ساسون وإيلات في اللقاءين اللذين تما في باريس عام 1937م بين وايزمن والبطريرك الماروني أنطوان عريضة والرئيس اللبناني إميل إدة. وفي تلك المحادثات أكد الصهاينة للبطريرك أنه إذا قامت دولة يهودية في فلسطين فيجب ألا يكون أي حاجز بينها، وبين لبنان كأن تبقى مناطق إسلامية تفصل بينها، كما أكدوا أهمية ازدياد التعاون بين الطرفين في جميع المجالات، واقترحوا إثارة الخلافات بين السنّة والشيعة في جنوبي لبنان. واقترح محمد الحاج عبدالله المتعاون معه شراء أراضي جبل عامل تمهيداً لتفريغها من سكانها الشيعة الذين يبلغ عددهم ـ حينذاك ـ حوالي أربعة مئة ألف نسمة، وترحيلهم إلى العراق في غضون عشر سنوات.
وكان ذلك الموضوع جوهر الحديث الذي دار سنة 1941م، بين ساسون والشيخ بشارة الخوري الذي قال: (يوجد بيننا وبينكم حاجز يجب إزالته؛ وهو جبل عامل. هناك ضرورة لتفريغه من السكان الشيعة الذين يشكلون خطراً مستمراً على بلدينا. وقد سبق لهم أثناء فترة الاضطرابات في فلسطين (لعله يشير إلى ثورة 1936هـ) أن تعاونوا مع عصابات المفتي لتهريب السلاح والرجال).
واقترح الشيخ بشارة توطين الموارنة اللبنانيين المهاجرين إلى أمريكا في جبل عامل بعد تفريغه من الشيعة؛ وذلك على أن تقرض الوكالة اليهودية البطريرك الماروني مبلغاً من المال.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنه من الجدير بالإشارة إليه أن سكان جبل عامل ينسبون إلى عاملة بن سبأ اليمني الذي استوطن هو وأتباعه ذلك الجبل بعد خراب سد مأرب المشهور، وأنه ظهر بين سكانه علماء شريعة وفق المذهب الجعفري، وكان لهم دور كبير في تدريس ذلك المذهب ونشره في إيران إبان العهد الصفوي. ولم يكن غريباً أن حاول الصهاينة خلق دويلة مسيحية بين دولتهم المغتصبة لفلسطين ولبنان العربي، وذلك عن طريق إيجاد حركة الرائد سعد حداد. لكن تمسُّك المقاومة اللبنانية الباسلة بأرضها، وشجاعتها الفذة في التصدي لقوات الاحتلال والمتعاونين معه، أديا إلى فشل الصهاينة واندحارهم مع عملائهم وصنائعهم، فانقلبوا خاسئين مذعورين أمام تلك المقاومة العظيمة، ببسالة وشجاعة.
كانت أطماع الصهاينة في مد نفوذهم يشمل جنوبي لبنان واضحة كل الوضوح. فقد أعربوا عن تلك الأطماع في مؤتمر الصلح الذي عقد بفرساي عام 1919م، وأكدها بن جوريون في خطاب له عام 1937م، وبينها يوسف فايتس، مدير شعبة الأراضي والأحراش عام 1941م، إذ قال:
(لقد ترتّب علينا أن نقنع روزفلت ـ الرئيس الأمريكي ـ وباقي زملائنا السياسيين أن أرض إسرائيل ليست صغيرة إذا خرج العرب منها، ولا سيما إذا وسّعت حدودها حتى الليطاني شمالاً وقمم الجولان شرقاً، وستتسع حينئذ لستة ملايين، أو سبعة ملايين يهودي، وإن أتوها دفعة واحدة، أما العرب فينبغي ترحيلهم إلى العراق وشمال سوريا).
ولقد حاول كل من وايزمن وبن جوريون إقناع البطريرك الماروني إلياس الحويك، في مؤتمر فرساي بالتخلي عن جنوب لبنان والجليل الأعلى مقابل وعد بتقديم مساعدات مالية لتطوير لبنان بحيث يصبح ـ بعد سلخ الجنوب منه ـ (ذا أكثرية مسيحية)، لكن البطريرك أوضح أن هذا الأمر مرهون بموافقة فرنسا.
وظل احتلال جنوبي لبنان حتى نهر الليطاني هدفاً من أهداف الصهاينة.
وقد ذكر شاريت أن دايان كان يقول: (إن الشيء الوحيد الضروري هو العثور على ضابط لبناني ـ وإن كان برتبة رائد ـ فنستميله أو نشتريه بالمال ليعلن نفسه منقذاً للموارنة ـ ثم يدخل الجيش الإسرائيلي، ويحتل الأراضي اللازمة، ويقيم نظام حكم مسيحيا متحالفا مع إسرائيل، وتنضم الأراضي الواقعة جنوب الليطاني بشكل نهائي إلى إسرائيل)، ومن المعروف لدى المتابعين للأحداث أن الصهاينة وجدوا ضالتهم في الرائد سعد حداد.
وقد قدم ساسون لشاريت، سنة 1946م، اقتراحاً يقضي بتشجيع العناصر الطامحة إلى تقسيم لبنان إلى دولتين مسيحية وإسلامية، وإقامة دولة مسيحية نقية من العنصر الإسلامي لأن دولة كهذه ستدعم الأهداف الصهيونية في فلسطين، وكان من المؤيدين لذلك المشروع الصهيوني المطران أغناطيوس مبارك، الذي كان يقول: (إني متحمس جداً للصهيونية التي أدرك أنها تأتي بالتمدن لفلسطين والشرق الأوسط كله (هكذا) وإن مقاومتها تعني الرجوع إلى الفوضى والهمجية)، على أن الموارنة في مجلس النواب كانوا ضد رأي ذلك المطران، وكذلك كان أمين الريحاني وأنطوان سعادة ممن أعلنوا رفضهم المطلق للحركة الصهيونية.
ولقد ذكر الأستاذ بدر الحاج أن دراسة تقارير ساسون وإيلات ومذكراتهما بين أن الانعزاليين اللبنانيين وزعماء الحركة الصهيونية يقدمون أنفسهم للعالم وكأنهم يمثلون الحضارة والثقافة في المنطقة، وأنهم مضطهدون ومحتاجون إلى وطن قومي خاص بهم، ومن الأدلة على ذلك:
1 ـ يعد البطريرك انطوان عريضة (لبنان عكاز فرنسا في الشرق العربي).
2 ـ يرى إميل إده لبنان صورة للغرب في الشرق، والحدود التي تنتهي عندها الحضارة الغربية.
3 ـ يجد وايزمن في إده صديقاً مخلصاً للصهاينة، وصداقتهم تثبيت للثقافة الغربية في الشرق الأوسط.
وما ذكر يشبه رأي هرتزل الذي قال: سنكون (يعني الصهاينة) جزءاً من السور الأوروبي المرفوع في وجه آسيا، وفي الصفوف الأولى من الجبهة حماة المدنية وخفراءها ضد البربرية).
ومما كرر تبيانه الأستاذ بدر الحاج في دراسته أن الحركة الصهيونية بذلت جهوداً لإثارة المشاعر الطائفية والعرقية في المنطقة العربية، وحرصت على ترسيخ تلك المشاعر، ومن ذلك محاولتها إنجاح مشروع المطران تبوني لإقامة دولة مسيحية آشورية في لواء الجزيرة، واهتمامها بإقامة دولة درزية تضم أجزاء من سورية ولبنان، ودعمها للتمرد الكردي في العراق.
ومما ذكره أن الصهاينة بعد إقامتهم دولتهم في فلسطين ـ لم يقتصر استهدافهم ترحيل العرب منها على المسلمين منهم، بل شمل النصارى أيضاً. فقد قال فايتس مدير شعبة الأراضي والأحراش سنة 1951م: (اتصل بي صباح هذا اليوم سكرتير وزير الخارجية هاتفياً، وأبلغني باسم الوزير أن الأخير حصل على مصادقة رئيس الحكومة على مشروع ترحيل العرب النصارى من الجليل الأعلى إلى جنوب أمريكا، وبناء عليه يمكنني المباشرة في العمل متى شئت).
واختتم الأستاذ بدر الحاج دراسته القيمة لمذكرات ساسون وإيلات بقوله: إن العودة إلى هذه الوثائق ضرورية للكشف عن الأهداف الصهيونية في لبنان، وإن قراءتها تقدم لنا مجموعة من الحقائق المستندة إلى وقائع ملموسة يتبين فيها كيف تم تثبيت الكيان اللبناني على هذا النحو تمهيداً لإقامة الكيانات الطائفية والعرقية على امتداد المشرق العربي التي توفر بحضورها الطائفي المرتقب الضمان الأكيد لاستمرار دولة إسرائيل في الوجود والتوسع والسيطرة وتأمين المصالح الامبريالية الغربية.
والقارئ لما ترجم في كتاب الأستاذ الحاج من مذكرات إيلات: جلوس صهيون والعرب يجد فيه الكثير من المعلومات التي أوردها عن مواقف شخصيات لبنانية وآرائهم، ومن هؤلاء البطريرك الماروني انطوان عريضة الذي قال عن موقفه من الصهيونية: إن الجالية اليهودية في بيروت أقامت له حفل وداع قبل سفره إلى باريس عام 1937م، حيث ألقى خطاباً بارك فيه تلك الجالية، ومدحها، كما أثنى على الاستيطان اليهودي في فلسطين، وأنه عبر في مناسبة أخرى عن تأييده لكل عملية يكون هدفها تخريب الأهداف الإسلامية والعربية التي هي ـ بنظره ـ أهداف واحدة، وإنه وعد بلفت نظر رجال الفاتيكان إلى الخطر الإسلامي المنبعث من وراء الشعارات العربية ليقوموا بعمل مضاد له، وأنه سيؤكد لهم على الأهمية التي يوليها المسيحيون في لبنان للاستيطان اليهودي القومي في فلسطين والدولة اليهودية في حال قيامها.
ومن تلك الشخصيات إميل إدة، الذي كان رئيساً للبنان بين عامي 1936 و1941م، الذي قال عنه إيلات: إنه يتطلع إلى يوم يستطيع فيه لبنان أن يقيم علاقات ودية مع الدولة اليهودية في فلسطين عند نشوئها، وإنه كان من مؤيدي جمعية (الشبان الفينيقيين) التي كان هدفها استقلال لبنان عن المحيط العربي، روحياً وثقافياً، وإن لم يكن عضواً فيها، والتي كانت متحمسة لإقامة علاقة وثيقة مع الصهاينة، وفق ما يدعى من علاقة كانت موجودة بين الملك سليمان (النبي سليمان عليه السلام) والملك الفينيقي اجرام.
وإنه كان ممن يرون الارتباط الدائم بفرنسا، إذ كان يقول:
(إننا نود عقد هدنة أبدية معها (أي فرنسا) لا من الناحية الروحية والثقافية فحسب، بل من الناحية السياسية والأمنية أيضاً، وإذا كان جيراننا (السوريون) يطالبون بسحب الجيوش الفرنسية طلبنا نحن بقاءها دون شرط أو تحديد زمن.
وكان إدة يصر على (نقاء) لبنان المسيحي، ويرى في الصهيونية وفلسطين اليهودية حليفتين للبنان المسيحي المحصن من التبعية للعالم العربي أو السوري، وله دور في تقرب البطريرك انطوان عريضة وأغناطيوس مبارك، مطران الكنيسة المارونية في بيروت من فكرة المصالح المشتركة بين اليهود والمسيحيين.
ومن الشخصيات التي تحدَّث عنها، إيلات أمين الريحاني الذي قال عنه: إن نظرته إلى الصهيونية كانت سلبية، وإنه نشر سلسلة مقالات معادية لها، وإنه يرى أن اليهود استمدوا قوتهم من ضعف العرب وانقسامهم، ومن تلك الشخصيات انطوان سعادة، الذي ذكر أنه كان فاهماً للحركة الصهيونية وأهدافها، وكان يرفضها ويعدها ليست متآمرة على حقوق العرب في فلسطين فحسب، بل تتناقض مع روح الدين اليهودي وأهدافه أيضاً.
وأما ساسون الذي ولد في دمشق سنة 1902م، فكان من أبرز الصهاينة الذين أقاموا شبكة علاقات سياسية مع الزعماء العرب، وعمل في الصحافة العربية.
وفي عام 1920م انتقل إلى فلسطين، ثم تجول في البلاد العربية، وفي عام 1948م تولى إدارة الإذاعة العربية السرية التابعة للهاجاناه، وكان آخر عمل له أن صار وزيراً للشرطة حتى عام 1969م، ومما ذكره في كتابه: في الطريق إلى السلام، الذي كتبت مقدمته جولدا مائير، تعاون خير الدين الأحدب، الذي كان رئيساً للحكومة اللبنانية، وقال ساسون عنه: إنه طلب منه محاولة إقناع المسؤولين في الخارجية الفرنسية أن يرسلوا تعليمات مستعجلة للسلطات الفرنسية في سورية ولبنان لمراقبة نشاط المنفيين الفلسطينيين هناك، وبخاصة المفتي، وإن الأحدب طلب من ساسون ترتيب لقاء له مع وايزمن في باريس لبحث قضية المفتي وجهود المطران تبوني الرامية لإيجاد حكم مستقل في منطقة الجزيرة تحت حماية فرنسا.
ومن الشخصيات التي تعامل معها ساسون حسين حمادة، الزعيم الروحي للدروز حينذاك الذي نقل ذلك الصهيوني عنه قوله: إن زعماء الدروز والموارنة اتفقوا على التوصل إلى وسائل عملية لكبح النفوذ الإسلامي في فلسطين ولبنان، وإن قلبه كان يدمي عندما يقرأ أخبار الدعاية لعرب فلسطين وسقوط القتلى من اليهود والإنجليز، لكن غالبية الدروز لا يشاركونه موقفه.
وهكذا يتضح أن من أمتنا من كانوا وبالاً عليها، وما زال يوجد بين أبنائها وبال عظيم.
المصدر: موقع صحيفة الجزيرة

موقع الخدمات البحثية