قراءات سياسية » غضب السعودية يتصاعد.. هل تعمل الإمارات على احتلال اليمن؟

لم يعد الموقف الإماراتي في اليمن يقتصر على مجرد رغبة ببسط نفوذ وسلطة خاصة في المناطق الجنوبية لهذا البلد، فقد اتخذت الإمارات خطوات فعلية وصفت بأنها تطبيقية تدفع في نظر البعض نحو احتلال اليمن، ويبدو أنها لم تتوقف عند حادثة مطار عدن التي وقعت قبل بضعة أيام.

إذ تقوم الإمارات باتخاذ خطوات متتالية لمواجهة قرارات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ورفضها؛ بل ودعم المتمردين ضده بالتصدي العسكري.

فقد تمكنت من ذلك عقب تشكيلها «ميليشيا الحزام الأمني»، والتقرب من سلفيي اليمن، والحصول على تفويض من الرئيس الأمريكي «رونالدو ترامب»،  كما أنها تستهدف الدور السعودي في اليمن، وقد وصلت الأمور لحد اتهام الإمارات بدفع السعودية نحو التورط في الحرب اليمنية لأكبر فترة ممكنة لخدمة أجندتها، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية، وهو ما يعني أن السعودية قد تتوقف عن مداراة الإمارات في اليمن، هذا النهج الذي اتخذ في السابق لحفظ ماء الوجه السعودي، خاصة في ظل تعاظم نقاط الخلاف بين الدولتين في اليمن.

ما الذي حدث في مطار عدن؟

الأحد الماضي، وقعت اشتباكات عنيفة في مطار عدن، لم تكن بين الحكومة اليمنية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأعدائه حركة أنصار الله (الحوثيين)، وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، فالحادثة التي أوقعت قتلى وجرحى كانت بين القيادي في المقاومة الجنوبية صالح العميري المعروف بـ«أبي قحطان»، والحرس الرئاسي لهادي.

الخطير في الأمر أن الداعم للعميري هي دولة الإمارات العربية التي دخلت اليمن ضمن التحالف الدولي لدعم حكومة هادي، فالقوات الإماراتية المتواجدة في عدن، والتي لها قوة لا يستهان بها من الجنوبيين، ساندت تمرد «أبي قحطان» في احتجاجه على قرار إبعاده من مهمة الحماية الأمنية لمطار عدن، إذ قام ضباط إماراتيون بمساندته، وشن غارة من طائرة «أباتشي» على مركبة عسكرية، في نقطة العريش بالقرب من المطار، تابعة للحرس الرئاسي لهادي.

وأكدت مصادر يمنية  لـ«عربي21» أنه: «مقابل الإسناد الجوي الإماراتي تحركت ميليشيا الحزام الأمني على الأرض باتجاه (خور مكسر) حيث مقر المطار، لفك الطوق الذي فرضته قوات الحرس الرئاسي على العناصر التابعة للمقدم العميري بداخل مقر المطار، ثم اعترضت ميليشيا الحزام الأمني قوات من الجيش الوطني التابع للمنطقة العسكرية الرابعة أثناء توجهها نحو المطار، واشتبك الطرفان».

لم تكن حادثة الاعتراض هي الأولى للرئيس هادي، فقد تكررت الإشكاليات التي تواجه الحماية الرئاسية لهادي كلما سافر من وإلى المطار.

يقول الصحافي اليمني خالد الشايع لـ«ساسة بوست»: «ما حدث قبل أيام هو أن هادي عيّن قائدًا أمنيًّا جديدًا لمطار عدن الدولي بدلًا من القائد السابق المعين أصلًا من الإمارات العربية المتحدة، وتدعمه الإمارات بقوة. أحست الإمارات بتجاهل هادي لها، وأن القائد المعين هو موالٍ لعلي محسن والإخوان المسلمين؛ مما جعلها ترفض التعيين، وجعلت القائد الميداني يرفض ذلك صراحةً، وقامت بمساندته بطائرات الأباتشي».

هذه الاشتباكات التي استمرت ساعات لم تتوقف إلا عندما توصل الطرفان لاتفاق يتم بمقتضاه نقل قيادة المطار إلى نائب «أبي قحطان»، بدلًا من الشخص الذي عيّنه هادي.

المطامع الاقتصادية للإمارات

في سبتمبر (أيلول) الماضي، اتجهت حكومة الرئيس هادي نحو استئناف إنتاج النفط في عدد من المحافظات الجنوبية، لكن المفاجأة كانت أن إحدى دول التحالف اعترضت قرارها، فقد رفضت القوات الإماراتية في ميناء الضبة النفطي السماح بنقل كمية النفط المخزنة في منشآت الميناء إلى الأسواق العالمية.

هذه الحادثة تنقلنا للحديث عن المطامع الاقتصادية للإمارات في اليمن، وبالعودة إلى الوراء، وتحديدًا بعد انتخاب هادي رئيسًا للجمهورية اليمنية، شكل انتهاء عقد موانئ دبي في تشغيل ميناء عدن، نتيجة لعدم التزام الإمارات بتطوير الميناء، وفقًا للاتفاق المبرم بين الحكومتين.

«الإمارات كانت تسعى لتدمير ميناء عدن لصالح موانئ دبي»، هكذا يقول لنا المحلل السياسي اليمني «محمود الطاهر»، ومع انتهاء العقد أعلنت الحكومة اليمنية تعاقدها مع شركة صينية لتطوير هذا الميناء.

يوضح لنا الطاهر: «على إثر ذلك بدأت الإمارات تغذي جماعات انفصالية في اليمن؛ لزعزعة استقراره وللضغط على هادي لاستعادة ميناء عدن، إلا أن المشاكل الداخلية في اليمن وقتها أغفلت الحكومة عن هذا التوجه، لصالح العمل السياسي داخليًّا، وهو ما مكن الإمارات من التوغل أكثر في عدن، والعمل على أجندتها في السيطرة على الساحل العربي، وميناء عدن، والخليج العربي، وسقطرى»، ويستشهد الطاهر بمحاولة الإمارات الضغط على هادي لتوقيع اتفاقية تأجير جزيرة سقطرى وموانئ عدن لـ99 عامًا، إلا أنهما اختلفا على البنود والتفاصيل الأخرى، معقبًا: «تريد تنفيذ طموحها، بأن تكون إمبراطورية في المنطقة، وتكون هي صانعة الملوك».

وكما تعلن وسائل الإعلام الإماراتية عن جملة من المساعدات الإنسانية لليمن، تكف هذه الوسائل عن تناول خبر مفاده أن الهلال الأحمر الإماراتي استثنى محافظة (أبين) من خطة عمله الإنسانية والتنموية لعام 2017، وذلك لكونها مسقط رأس الرئيس هادي في نظر البعض، فيما يبدو أنه ضمن وسائل ضغط اقتصادية تستخدمها الإمارات ضد الرجل.

جيش للإمارات خارج هيكلية الجيش اليمني.. «ميليشيا الحزام الأمني»

«محمد بن زايد آل نهيان أدرك مبكرًا أن الشرعية اليمنية ليست في البقاء في المنافي والفنادق»، هذا التصريح الذي قاله وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي «أنور قرقاش»، في يونيو (حزيران) العام الماضي، ربما يعكس نهجًا إماراتيًّا واقعيًّا ضد الحكومة «الشرعية» في اليمن.

إذ عكفت الإمارات على العمل في اليمن، وكأنها سلطة مستقلة تفعل ما تريد بشكل منعزل عن الحكومة اليمنية، وقوات التحالف أيضًا،  ولم يأت إعلانها في منتصف يونيو (حزيران) الماضي انسحاب قواتها من اليمن إلا بالمزيد من التدخل في شؤون اليمن الداخلية، في نظر بعض المحللين.

تجاوز الأمر تبريرها بأنه «ربما تستمر في الاحتفاظ بقواتها هناك لعمليات مكافحة الإرهاب»، لتقوم بدعم معسكرات الجنوب اليمني بهدف تقويتها في وجه الرئيس هادي، إذ تجول الإمارات وتصول في المحافظات الجنوبية اليمنية، باسطة نفوذها وهيمنتها على الأوضاع في عدن وبقية المحافظات، كما أن الضباط الإماراتيين لا يكفون عن التدخلات في شؤون عدن، وقد وصل الأمر بالتدخل الإماراتي حد دفع محافظ عدن ورئيس اللجنة الأمنية العليا اللواء «عيد روس الزبيدي»، وكذلك مدير أمن عدن اللواء «شلال علي شايع» للتغيب في 12 فبراير (شباط) الماضي عن حضور اجتماع لقيادات أمنية وعسكرية دعا له هادي.

جاء التغيب استجابة لضغوط إماراتية طلبت عدم مشاركتهما بالاجتماع، كما قالت المصادر اليمنية.

ويعد إنشاء الإمارات لقوات الحزام الأمني، أو كما يسميها بعض اليمنيين «ميليشيا الحزام الأمني»، وربطها مباشرةً بالجيش الإماراتي المحطة الأخطر في نفوذ الإمارات باليمن، لعب هذا الحزام دورًا رئيسيًّا في دعم المواجهات في مطار عدن لصالح رجال الإمارات.

يقول الصحافي اليمني خالد الشايع : «الأخطر هو قيام الإمارات بتشكيل جيش وأمن جنوبي يأتمرون بأمرها، سمي بجيش النخبة والأمن هو ميليشيا الحزام الأمني«، وأضاف الشايع لـ«ساسة بوست»: «الحزام الأمني هذا فرض عددًا من الإجراءات القاسية على مواطني الشمال الذين يعتقد بأنهم موالون لعلي محسن والإخوان المسلمين وعلي عبد الله صالح، فقد تم طرد البعض منهم، ومنع آخرين من الدخول، وهو ما سهل سيطرة الإمارات بشكل كامل على مطار عدن، وإحكام السيطرة على مداخل عدن البرية والجوية والبحرية».

ويدرك اليمنيون أن الإمارات تمارس دور المحتل لليمن، ويوضح الكاتب اليمني «ياسين التميمي» لـ«ساسة بوست» أن: «أهم مشاريع الإمارات الخطيرة هي تأسيس وحدات عسكرية خارج هيكلية الجيش والقوات الأمنية اليمنية، والتركيز على البعد الجهوي في تشكيل هذه القوات كما هو الحال بالنسبة للحزام الأمني وغيره من التشكيلات التي يهيمن عليها حضور بعض المناطق دون سواها».

وأضاف: «على الصعيد السياسي عملت الإمارات على تمرير خطة كيري؛ مما يدل على عدم حرصها على القيادة السياسية الحالية ممثلة بالرئيس هادي، وهنا تبدو المشكلة، فعندما تتبنى الإمارات مشاريع عسكرية وسياسية منفصلة؛ فإنها لا تخالف أهداف التدخل العسكري لدعم الشرعية في اليمن، ولكنها أيضًا تكرس نفسها كقوة احتلال».

الإمارات والتواطؤ مع  نجل صالح

لقد ساهم الموقف الإماراتي من حزب الإصلاح والرئيس هادي وأهداف السعودية في جعل المعركة لصالح أعداء هذه الأطراف، وخاصةً علي عبد الله صالح وحركة أنصار الله (الحوثيين).

عملت الإمارات في نظر البعض على إرباك التحالف العربي وعملياته العسكرية، وإطالة أمد الحسم كما قال مراقبون في اليمن، لذلك يبدأ الصحافي اليمني خالد الشايع حديثه مع «ساسة بوست» مستشهدًا بما حدث عند تحرير محافظة عدن، وبالظهور أمام الإعلام وكأنه تحرير كلي بدحر الحرس الجمهوري الذي يقوده نجل المخلوع علي عبد الله صالح.

يوضح الشايع: «الحقيقة تؤكد أنه في الأساس كان هناك اتفاق بين الإمارات العربية المتحدة وبين نجل المخلوع أحمد علي عبد الله صالح الذي يمتلك استثمارات كبيرة جدًّا في المدن التي تحمل طابعًا معماريًّ، صنعاء القديمة، بسحب قواته وانسحاب قوات الحرس الجمهوري، بينما ترك الحوثيين لمصيرهم في عدن»، كما دعمت الإمارات بشكل غير مباشر أنصار صالح في المفاوضات اليمنية بالكويت؛ بهدف عدم تقديم أي تنازلات من أجل بقاء الوضع كما هو عليه الآن، بل إن رجل الإمارات القيادي في المقاومة الجنوبية «صالح العميري» الملقب بـ«أبي قحطان» اتهم بتهريب قيادات من الحوثيين خلال توليه أمور مطار عدن.

ويوضح الشايع أن الإمارات التي تولت السيطرة على عدن، وإعادة إعمارها قررت السيطرة الكاملة على مطار عدن الدولي، وميناء الحاويات، والميناء الحر في عدن مقابل شبه اتفاق مع الرئيس هادي لتحرير الإمارات محافظة عدن من قوات صالح والحوثيين.

ولا يمكن إغفال احتضان الإمارات لنجل الرئيس اليمني المخلوع «أحمد»، الذي يلعب دورًا مهمًا في الأحداث السياسة اليمنية لصالحه وصالح والده والحوثيين، وهي نقطة خلاف بإمكاننا ضمها لنقاط خلاف الإمارات مع السعودية، التي تعتبر صالح عدوها الأول في اليمن، حتى أن حجة الإقامة الجبرية التي يشدد عليها المسئولون الإماراتيون بدأت تفندها تحركات نجل صالح الحرة في الإمارات، وهو ما يناقض الرغبة السعودية التي ترفض وجود أي مكان  لصالح وأبنائه في مستقبل اليمن، وربما يفسر موقف الإمارات بأنها تستخدم نجل صالح كورقة ضغط تجاه السعودية، ومقايضة لقرار السعودية بتعيين علي محسن الأحمر القريب من الإصلاح في منصب سياسي بدلًا من رجلها «بحاح».

لماذا تقربت الإمارات من سلفيي اليمن؟

«من يخالط الجيش الإماراتي وأفراده ويخوض معهم القتال يدرك مدى الجهد الذي بذل لإعداده، فهو جيش يحاكي جيوش الدول الكبرى في احترافيته ومهنيته»، قال هذا التصريح الوزير اليمني الذي يقود قوات الحزام الأمني في عدن «هاني بن بريك»، وتجمعه علاقة قوية بالإمارات، بريك الذي يعد الآن واحدًا من أبرز رجال الإمارات في اليمن يحسب على التيار السلفي؛ بل إنه داعية يمثل هذا التيار في اليمن.

بريك ليس وحده السلفي اليمني المقرب من الإمارات، إذ يعتبر القيادي في المقاومة الجنوبية «صالح العميري»، الملقب بـ«أبي قحطان»، قائد المعركة الأخيرة في مطار عدن، من أبرز القادة السلفيين قبل اندلاع الحرب في مدينة عدن  في مارس (آذار) عام 2015، فالإمارات تتوغل أكثر وأكثر في وسط الجماعات السلفية في اليمن، إذ لا تكف عن اجتذاب قيادات يمنية من التيارات السلفية، لينضم إلى رجالها واحد تلو الآخر منهم، ويصطفون في خانة التمرد ضد قرارات الرئيس هادي.

هذا الحال دفع المحلل السياسي اليمني «محمود الطاهر»، الذي وصف أمر دعم الإمارات للسلفيين بأنه «مثير للجدل ويثير تخوفات كثيرة»، لتقديم رؤية لـ«ساسة بوست» تُلخص بأن انكباب الإمارات على استخدام الموالين لها من السلفيين الجهاديين الذين يقودون الحزام الأمني في عدن يأتي ضمن احتمال وجود مخطط لنقل الصراع مع الإسلام المتطرف إلى اليمن، وخدمة الأهداف الإماراتية.

وتابع الطاهر القول: «الصراع المحتدم في عدن يأتي ضمن مخطط يهدف إلى إعطاء دور وحضور وسيطرة للإسلاميين المتشددين، وذلك لتقديمها أمام الرأي العام العالمي بأن القاعدة وتنظيم الدولة أصبحا القوة المسيطرة على الجنوب، وبالتالي جعل اليمن ساحة جديدة للصراع الإقليمي»، ويأتي ذلك في ظل تقارب الأجندة الأمريكية مع الأجندة الإماراتية، كما يقول الطاهر.

«ترامب» يفوض الإمارات

فرضت الإمارات نفسها أكثر على التغيرات الأخيرة في الساحة اليمنية، خاصة في المجالين العسكري والسياسي، وذلك بحكم إشرافها بشكل مباشر على العمليات العسكرية الجارية في الساحل الغربي في اليمن.

وضمن محاولة  التركيز على فترة ما بعد وصول «دونالد ترامب» إلى الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية التي تشارك أيضًا في عمليات عسكرية ضد تنظيم القاعدة باليمن، لا يمكننا قصر الأمور المشتركة بين ترامب والإمارات فقط على العداء لجماعات الإسلام السياسي، وخاصةً جماعة الإخوان المسلمين، فهناك أيضًا كما قال لنا المحلل السياسي محمود الطاهر تخوف من وجود «مخطط لنقل الصراع مع الإسلام المتطرف إلى اليمن؛ لخدمة طموح الإدارة الأمريكية الجديدة، والإبقاء على الحصار على اليمن، بينما الإمارات تستغل ذلك الوضع وتبني أهدافها».

هذا الأمر اتفق عليه أيضًا الصحافي اليمني خالد الشايع عندما صرح لـ«ساسة بوست» بأن: «ترامب يريد الحرب في اليمن، يريد أن تطول في اليمن بشكل كبير جدًّا، ومن أجل ذلك رفع الحظر عن الأسلحة بهدف عودة السعودية لشراء الأسلحة، واستخدامها في اليمن».

وما يؤكد تقارب الرؤية الإماراتية مع الأمريكية في اليمن، دعم الولايات المتحدة للتحرك الإماراتي شرق اليمن؛ بل التنسيق معها بعيدًا عن السعودية، وقد أعلنت واشنطن رسميًّا حقيقة دور أبوظبي في العملية العسكرية في اليمن، وأكدت أنها قدمت مساعدات للقوات الإماراتية في أمور المراقبة، والاستطلاع الاستخباري الجوي، والدفاع البحري، والعمليات الأمنية، والدعم الطبي، والتزود الجوي بالوقود، إذ قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، النقيب جيف ديفيس، إن: «قوات أمريكية قدمت دعمًا استخباريًّا، إضافة إلى المساعدة في التخطيط العملياتي للقوات الإماراتية المتواجدة في محافظة حضرموت».

ويأخذنا ‏الكاتب الصحافي اليمني «ياسين التميمي» لاعتبار أن: «جزءًا من جرأة الإمارات على السلطة السيادية، شعورها أن لديها تفويضًا بغطاء أمريكي لمواجهة الإرهاب في اليمن، وهي مهمة تأخذها بعيدًا عن الالتزام بحدود الأهداف المعلنة من جانب التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وبدعم السلطة الشرعية في استعادة الدولة، وإعادة عملية السلام إلى مسارها».

السعودية.. من مداراة الإماراتيين للاستعداد لمواجهتهم

لم يكن تحرك الإمارات المستقل في اليمن بعيدًا فقط عن حكومة الرئيس هادي، فالمملكة العربية السعودية أيضًا بعيدة عن هذه التحركات، التي كان آخرها المشاركة بالعملية العسكرية التي نفذها الجيش الأمريكي في البيضاء، وقد أوصلت الإمارات رسائلها للسعودية بأن بإمكانها استخدام الكثير من أوراق الضغط ما لم تحقق مطالبها في اليمن.

بالتأكيد، السعودية بحاجة ماسة لحفظ ماء الوجه أمام القوى الدولية والإقليمية، بعدم صدامها مع الأهداف الإماراتية، وبهدف جعل أمور حسم المعركة لصالحها، ولذلك تحملت الكثير من الضغوط الإماراتية بصمت وتغاضٍ، بل إنها تحركت لإصلاح العلاقة بين هادي والإمارات، حدث ذلك عندما قام هادي بزيارة سرية لأبوظبي في مايو (أيار) الماضي، بطلب من ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».

ويعتقد المتابعون للشأن اليمني أن الخلاف الإماراتي السعودي الذي ساهم بشكل كبير في فشل المفاوضات اليمنية في الكويت لا يخص حادثة المطار آنفة الذكر فقط، فتلك الحادثة التي دفعت الرئيس هادي للتحرك بعجل نحو السعودية، مستنجدًا بها من الإمارات، تظهر أن هادي حصل على ضوء أخضر سعودي للتحركات الأخيرة، وذلك بعد لقائه الأخير بمحمد سلمان، وقرأ في قرارات اللجنة الأمنية العليا التي اتخذها هادي وقررت إنشاء غرفة عمليات موحدة تتبع وزارة الداخلية بمثابة إجراءات تمهد لخطوات أكثر صرامة وربما معركة قريبة مع عدة أطراف خلط الأوراق في عدن.

وفي وقت يتوقع المحللون في اليمن موقفًا سعوديًّا يقتضي تأجيل الصدام مع الإمارات بعد حادثة المطار، وترحيله إلى وقت آخر، يظهر على أرض الواقع تعاظم في قلق السعودية تجاه الإمارات، قلق قد يدفعها للتوقف عن مداراة الإماراتيين بعد أن أظهروا رغبتهم في توسيع نفوذهم شرق اليمن، إذ تتحرك القوات الإماراتية نحو مدن في حضرموت كانت تقع تحت سيطرة القاعدة، ولذلك اتخذت خطوات سعودية لمواجهة الإمارات، كتجهيز قوات من الجيش السوداني لتنقل إلى المملكة ومن ثم إلى اليمن، وذلك لسد أي فراغ محتمل قد يتسبب به الإماراتيون، كما أنها في السابق لم تتردد في إطاحة رجل الإمارات في اليمن خالد بحاح، من منصبي نائب الرئيس ورئيس الحكومة، وعينت بدلًا منه الجنرال علي محسن الأحمر، أحد أبرز مؤسسي الإصلاح.

وتعد قضية دعم الإمارات لانفصال الجنوب اليمني عن الشمال، من أهم الخلافات القديمة المستجدة مع السعودية  التي تعمل على تكريس الوحدة اليمنية لحماية حدودها الجنوبية مع اليمن، فالإمارات تتحرك الآن لتحقيق الانفصال وتقسيم اليمن بدفع الصراع الأهلي في جنوب اليمن.

فقد تم رصد عمليات ترحيل المواطنين اليمنيين الشماليين، من محافظة عدن وبعض المحافظات الجنوبية الأخرى، وحسب ما نقلت مصادر خليجية لـ«الخليج الجديد»، فـ«إجراءات التقسيم المتسارعة لا يمكن أن تتم دون موافقة الإمارات التي تعاظم نفوذها في عدن، ومحافظات جنوبية أخرى»، وقد اتهم «خالد بحاح» من قبل مصادر يمنية بإذكاء الرغبات الانفصالية داخل محافظة عدن ومدن الجنوب، وقد عقد في أبريل (نيسان) الماضي لقاء في أبوظبي بين إماراتيين، وعدد من القيادات الجنوب اليمني؛ لمناقشة تحول اليمن إلى دولتين فيدراليتين، وتستضيف الإمارات شخصيات يمنية تطالب بانفصال الجنوب عن الشمال.

الخلاف الآخر، هو التعامل مع حزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على الإخوان المسلمين)، فعداء الإمارات لإصلاح اليمن كبير، وتعتبر الإمارات أن الرئيس هادي يتجه نحو تقارب سياسي مع الإصلاح الذي تعمل الإمارات بكل جهدها لتقليص نفوذه في عدن، وقد اتخذ هادي جملة من قرارات التعيين تم فيها الاعتماد على قيادات إصلاحية بمناصب مختلفة، وعدت تلك القرارات لصالح الإصلاح؛ مما جعل الإمارات تضع هادي والإصلاح وكل القوى الوطنية في خندق واحد.

يقول الكاتب الصحافي اليمني ياسين التميمي: «تظهر الإمارات قدرًا مثيرًا للاستغراب من الكراهية لما تصفهم الإخوان المسلمين، وهي تسمية فضفاضة باتت تشمل القوى السياسية، والمقاتلين في الجبهات الذين يعملون تحت مظلة الشرعية ويواجهون التمرد والانقلاب جنبًا إلى جنبا مع التحالف، إلى درجة أن مواجهة الإخوان تتقدم في الأولوية بالنسبة للإمارات على القاعدة والحوثيين والمخلوع صالح».

وتابع القول لنا: «عملت الإمارات على إنهاء نفوذ المقاومة في عدن بحجة أنها تنتمي للإصلاح والسلفيين، وعملت في الوقت نفسه على تعطيل أي محاولة لتطبيع الحياة في عدن وتمكينها من أن تؤدي دورها كعاصمة سياسية مؤقتة إلى حد أن الرئيس والحكومة يواجهون صعوبة في التموضع بعدن».

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية