قراءات سياسية » تفريغ اللقاء الصوتي الأول مع الشيخ أبي محمد الجولاني

المسؤول العام لجماعة جبهة النصرة 
الصادرة عن مؤسسة المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي
محرم 1436 هـ ـ 11 / 2014 م

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: 
يسر مؤسسة المنارة البيضاء أن تقدم لكم هذا اللقاء الحصري مع الشيخ الفاتح أبي محمد الجولاني ـ حفظه الله ـ المسؤول العام لجبهة النصرة.
وسيدور اللقاء حول آخر التطورات في ساحة الشام، وما يثار عن جبهة النصرة من شبهات واتهامات في الفترة الأخيرة، فنسأل الله أن يبارك فيه وينفعنا به والمسلمين. ويسعدنا في مستهل لقائنا أن نرحب بالشيخ الفاتح؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الكريم، وأهلًا وسهلًا بكم ضيفًا على المنارة البيضاء. 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أهلًا وسهلًا.

شيخنا الفاتح، ساحة الشام؛ إلى أين؟

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
ساحة الشام اليوم تمر بعدة تحديات، أولها: التحالف الدولي، وحلفاؤه في المنطقة، وحلفاؤه في الداخل الشامي؛ فالتحالف الدولي جمع معه ما يقارب الستين دولة وكذلك 500 مليار دولار، وهذا العدد من الدول والأموال فاق التحالف الدولي الذي جُمع أثناء حرب الخليج في 1991 وجُمع آنذاك ما يقارب 32 دولة وكذلك 100 مليار دولار، وإن دل على شيء فهو يدل على أن هذا التحالف قد جُمع لشيء أبعد من قضية جماعة الدولة وجماعة النصرة وما يقال على الجماعات المتشددة، وذلك لأن النظام الدولي له أهداف وغايات كبيرة في المنطقة، فالمنطقة ذات حساسية واسعة جدًّا؛ قربها من إسرائيل، التهديد الذي يشكل من خلال ساحة الشام على المناطق الأوروربية، وذلك لأسباب تجمُّع أعداد كبيرة من المهاجرين الأوروربيين في المنطقة، ومحاولة لإبقاء النظام الأسدي لأنه يشكل وتدًا من الأوتاد التي يعتمد عليها النظام الدولي في المنطقة وهو الطائفة النصيرية بشكل عام في ساحة الشام، وهذه بالطبع ستحتاج إلى جهود كبيرة جدًّا في ساحة معقدة مثل ساحة الشام؛ تحتاج إلى قدرات وإلى أموال طائلة حتى يفرضوا واقعًا يعيد الأمر إلى ما كان عليه قبل بدء الجهاد في الشام. فالفصائل التي تتحالف مع النظام الدولي ستُدعم كما هم يقولون وكما الآن يفعلون؛ فقد بدأت بعض الفصائل بإرسال أعداد للتدريب والتسليح، وشاحنات السلاح والذخيرة أيضًا تدخل في كل يوم لدعم هذه الفصائل لتكون يدًا للأمريكان والغرب في الساحة السورية، ومن هذا سينتج فيما بعد أنها سيُضغط على الساحة في المناطق المحررة فيتولى النظام الدولي قضية تصفية المجاهدين في المناطق المحررة واستبدالهم بالفصائل المتحالفة معهم التي تتلقى الدعم في هذا الوقت، وقد صرح (جون ألن) في الأيام الأخيرة، وهو المسؤول المفوض من قبل الولايات المتحدة لقيادة هذا التحالف؛ على أنهم سيقومون على تدريب المعارضة المعتدلة -كما يقولون، وهي العميلة أو المتحالفة معها وهذا تعبير أصح- سيقومون على تدريبها وتسليحها للقضاء على جبهة النصرة وجماعة الدولة، هذا هو الهدف العلني ويتبعه طبعًا كل الجماعات الإسلامية أو الجماعات التي لا تنصاع للسياسة الغربية التي ستُفرض في المنطقة، وهذا طبعًا يتعلق بالمناطق المحررة ذات النفوذ والغلبة فيها للجماعات المسلحة التي تقاتل أو جماعات جهادية تقاتل في الأرض. أما في المناطق التي يتواجد فيها المسلحون ذات الغلبة للنظام كحال مثلًا دمشق، كحال حمص، حكال حماة، حكال اللاذقية وطرطوس، كحال القلمون؛ فهذه المناطق سيتولى إعادة السيطرة عليها وبسط النفوذ فيها هو النظام، النظام نفسه، وبالطبع سيتولى النظام إعادة السيطرة على هذه المناطق التي له فيها الغلبة، وسيستغل بالطبع ما يتوقعونه من الضعف الذي سيحصل في المناطق المحررة ذات الغلبة فيها للجماعات الجهادية، ثم بعد ذلك إذا استتب الأمر على هذا النحو فإنهم سيعلنون وقف الحرب أو انتهاء الحرب، شبيهًا باتفاقية (دايتون) التي حدثت في البوسنة، لربما يفكرون بأن يقوموا بنفس الاتفاقية في ساحة الشام وينهون حالة الحرب ويدمجون هذه الحكومات ببعضها البعض؛ حكومة النظام مع الحكومة المؤقتة على أن تكون السيادة الفعلية هي للنظام لأنه في ظنهم أنه أكفأ وأقدر على ضبط البلاد لما يملكه من خبرة في إدارة هذه البلاد منذ أكثر من 40 سنة، خاصة أمام الضعف والفشل المتكرر عند محاولة إنشاء الحكومة المؤقتة وقيامها ببعض المهام والواجبات في هذه المنطقة.
فالساحة تمر في خضم هذه التحديات هناك صراع داخلي أيضًا، هناك تحدٍّ من قبل الاختلافات المنهجية بين بعض الجماعات السنية وبين الجماعات التي أخذت اتجاه الغلو، وبين بعض الجماعات التي أخذت اتجاه التنازل والانحدار، وبشكل عام الساحة الشامية الآن تمر بهذه التحديات الخطيرة ولربما هذه التحديات تتطور، ولا يفوتني أن أذكر أن النظام له حلفاء أيضًا يشاركونه في هذه الحرب، منهم من يشارك مشاركة مباشرة ومنهم من يشاركه في الدعم اللوجستي أو التذخير أو التسليح أو حتى في الخبراء وحتى في المشاركة الفعلية، فالذي يشارك النظام في حربه على أهل السنة في الشام هو من أحد التحديات التي يجب أن يواجهها أهل الشام بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقًا. النظام يقف من ورائه إيران وتسلحه روسيا وتدعمه لوجستيًّا الصين والميليشيات الرافضية -ما يسمى بالشيعية- المجتمعة حوله أيضًا والتي تقلصت نوعًا ما بعد الأحداث الأخيرة التي جرت في العراق والانتصارات التي أُحرزت هناك لأن أكثرهم شراسة كانوا ليس (حزب الله) بل هي الميليشيات الرافضية التي كانت متواجدة في المنطقة، فمعظم المجازر التي ارتكبت ارتكبت على أيدي هؤلاء، والحزب لا يقل بشاعة عنهم إلا أنه قد يعتبر من الدرجة الثانية أمام تلك الميليشيات الأخرى، ولكن هو متصدر فيهم وهو خطر أيضًا يجب مواجهته ويجب على أهل الشام أن يستعدوا لكل هذه التحديات التي ذكرنا.
باختصار شديد؛ نرى أن العالم قد انقسم إلى نصفين، ومعظم دول العالم تتفق على أنها يجب أن تنهي حالة الجهاد التي حدثت في ساحة الشام، مهما كان بينهم من خلافات سيتفقون على محور معين، ولا ننسى أن نذكر أيضًا أن هناك حساسية بلغت مبلغها بعد وصول المجاهدين إلى الشريط الحدودي بينهم وبين إسرائيل، فهذا لا شك يثير المخاوف عند إسرائيل وهي التي يسعى لحمايتها كل الأطراف المتنازعة أو التي تتحالف وتتصارع للسيطرة على ساحة الشام بشقيها، لو قلنا الأمريكي والروسي، فالساحة الشامية نستطيع أن نقول: قد اجتمع عليها الأبيض والأسود، اجتمعت عليها أمم الكفر شتى.

مرت أكثر من 3 سنوات على تأسيس جبهة النصرة بكل ما في هذه السنوات من التحديات التي ذكرتم، فما الذي تمثله جبهة النصرة اليوم في ساحة الشام سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد إدارة المناطق المحررة؟

بدايةً جبهة النصرة إذا ما تطرقنا إلى الجانب العسكري وما تقوم به من دور في الساحة لا شك أنه دور بارز في مواجهة النظام، لأن أساس المعركة هي كانت بين أهل السنة وبين النظام الحاكم المتمثل في بشار الأسد، فجبهة النصرة خلال 3 أعوام كان لها الأثر الكبير في إضعاف شوكة النظام وتحرير كثير من المناطق والمدن التي كان يسيطر عليها نظام الأسد، ولو بدأنا بالتدرج سأذكر في الأشهر الأخيرة ولن نتطرق إلى الماضي؛ الماضي حافل ولا يتسع الوقت لذكر كل ما قامت به جبهة النصرة، أما في الأشهر الأخيرة فلله الحمد بالنسبة للجنوب كدرعا فجبهة النصرة كان لها الأثر البارز ومشاركة كثير من الفصائل أيضًا في تحرير ريف القنيطرة شبه كامل في الأشهر الأخيرة ابتداء من التلول الحمر نهاية بتل الحارة وما جرى من فك الحصار عن مدينة نوى وغيرها من المدن الأخرى التي كانت تحاصر بسبب وجود النظام في هذه التلول وقطع بعض الطرق التي كان يرسل قذائفه وحممه على هذه المدن.
ثم إذا انتقلنا إلى دمشق؛ فدمشق ولله الحمد جبهة النصرة تتواجد في الغوطة الشرقية وفي جنوب دمشق أيضًا المحاصرتين، فإن لجبهة النصرة في الغوطة الشرقية الأثر البارز في العمليات الأخيرة التي جرت هناك ومنها فك الحصار عن المجاهدين المحاصرين في بلدة المليحة، والعمليات التي جرت في محيط المخابرات الجوية في حرستا أيضًا مؤخرًا.
وأما في القلمون فمن المعلوم أن حزب الله بعد أن اعتدى على أهلنا في الشام كان لا بد من أن ننقل المعركة إلى الداخل اللبناني وإلى مناطق تواجده في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية ونستهدف المواقع الحساسة بالنسبة له وننقل المعركة إلى حيث يتواجد حزب الله في لبنان عله يعلم خطورة تدخله في الشأن السوري ووقوفه حليفًا لنظام بشار ضد أهل السنة في الشام. وقد جرى لهذا نتائج إيجابية كبيرة جدًّا، وجبهة النصرة ولله الحمد تتصدر الدفاع عن أهل السنة من خلال القلمون في الداخل اللبناني وفي القلمون نفسه أيضًا، وكما لا يخفى على أحد إن الشيخ أبا مالك الشامي هو من يقوم بقيادة جبهة النصرة هناك جزاه الله خيرًا، ظهر لهذا نتائج إيجابية كبيرة جدًّا في الأحداث الأخيرة التي جرت من الضغط على الحزب من خلال عمليات الأسر للجنود اللبنانيين والتي ظهرت من خلالها نتائج إيجابية أكبر، وبعض الحركات البسيطة التي قام بها إخواننا هناك كشفت زيف الجيش اللبناني وأنه أداة تستخدم بيد حزب الله وكشفت مدى الحقد الدفين عند حزب الله وخاصة عند اعتدائه على أهل السنة في لبنان في طرابلس أو حتى في المخيمات التي هو كان سببًا في اضطرار هؤلاء الناس للجوء إلى لبنان، ثم لحق الشيوخ والمساكين والأطفال والمرضى إلى مخيماتهم وأخذ يحرق بها، وقد ذاق مرارة ما صنع في المخيمات بعملية بريتال المباركة التي جرت مؤخرًا. وإخواننا في القلمون يخبئون في جعبتهم الكثير من المفاجآت، فالمعركة في لبنان الحقيقية لم تبدأ بعد، والقادم بإذن الله تعالى أدهى وأمرّ على حزب الله، ولعل حسن نصر الله سيعض أصابعه ندمًا على ما فعله بأهل السنة في الشام في الأيام القادمة إن شاء الله تعالى.
وأما في حمص الحبيبة، حمص الشهداء التي ضحت ما ضحت في مواجهة هذا النظام، ولا يخفى على أحد التراجع العسكري الأخير الذي حدث هناك وما يقوم به نظام الأسد مؤخرًا من مجازره بحق أهلها في حي الوعر ومحاصرته لأهلنا هناك، فقامت جبهة النصرة بعدة عمليات تعتبر من عمليات النكاية التي استهدفت مواقع الشبيحة في عقر دارهم في حي الزهراء وغيره، ونسأل الله أن يعيننا على فك حصار حمص والغوطة وجنوب دمشق وكل المناطق المحاصرة بإذن الله تعالى في الأشهر القادمة.
أما في حماة؛ فلله الحمد كان لجبهة النصرة الأثر الأكبر مع بعض الفصائل في تحرير مدينة خان شيخون وحاجز الخزانات الذي هو عبارة عن عدة حواجز كبيرة ومساحات أيضًا واسعة كان يسيطر عليها النظام، وصد تقدم النظام في مورك في الأشهر الأخيرة.
وأما في حلب؛ فلله الحمد فجبهة النصرة تتواجد في مدينة حلب على عدة ثغور، أيضًا قامت عمليات بطولية في الآونة الأخيرة بمشاركة بعض الفصائل المجاهدة في صد عادية النظام في حندرات وما حولها. وكذلك الأمر نحن نرابط على ثغور عديدة سواء في الراموسة أو سواء في خان طومان، وفي اللاذقية لا يخفى على أحد أن جبهة النصرة تشغل حيزًا لا بأس به من خطوط الرباط في جبهة دورين وغيرها، أيضًا في صد أي هجوم يمكن أن يتقدم من خلاله النظام.
وأما في الشرقية فلا شك أيضًا أنه لا يخفى على أحد أن جبهة النصرة بعد الحرب التي دارت بينها وبين جماعة الدولة قامت بالانحياز إلى مناطق أخرى قبل أشهر.
وأما في إدلب فلله الحمد كان آخر ما قمنا به من أعمال في إدلب وهو اقتحام كان داخل مدينة إدلب لمبنى المحافظة كذلك دفاع الأمن الجوي وهو المربع الأمني بشكل عام قام به أبطال من الانغماسيين الذين اقتحموا داخل مدينة إدلب، كذلك قطعوا الطريق الواصل بين اللاذقية وإدلب وخاصة تلة المسطومة التي كانت مستعصية، ولله الحمد قام بتحريرها الإخوة في جبهة النصرة ريثما قام الإخوة باقتحام داخل المدينة الذي قاموا به، ولكن جرت بعض الأشياء أشغلت إخواننا عن القيام وإتمام مهمتهم بداخل عملية إدلب بسبب بعض المشاكل من بعض الفصائل التي أحدثتها معنا في أماكن أخرى من إدلب كجبل الزاوية مثلًا.

ما الذي حدث هناك في جبل الزاوية؟ سمعنا عن اندلاع قتال عنيف بينكم -ومعكم عدة فصائل- وبين جمال معروف وجماعته؛ فما سبب هذا الاقتتال الذي حدث؟

ما حدث باختصار أن جمال معروف اعتدى على أهلنا هناك كمدينة البارة ومدينة كنصفرة وهو يحوي عددًا كبيرًا من اللصوص وقطاع الطرق، قام بالاعتداء على أهلنا هناك، والاعتداء أيضًا على رجالنا في جبهة النصرة، وقد لاقى نصيبَ اعتدائه علينا، وبعد تكرار اعتداءات هذا الرجل وجماعته على أهلنا في إدلب وعلى جبهة النصرة وبعض الفصائل الأخرى؛ بالطبع القتال الذي نشب ليس كما أشيع هو بين جبهة النصرة وبين جبهة ثوار سوريا بل كان هناك لواءان من صقور الشام ولواءان أيضًا من الأحرار وجند الأقصى أيضًا وعوام من الناس من أهالي جبل الزاوية، يعني بما معناه قامت شبه ثورة شعبية في وجه قائد هذه العصابة، بالطبع هذه الفصائل التي رأت تكرار اعتداءات هذه العصابة على أهلنا في إدلب فقد اتخذنا قرارًا بأن تُلغى جبهة ثوار سوريا خاصة في المناطق الشمالية؛ لأن أكثر الاعتداءات خرجت منها في هذه المنطقة وتحولت لا إلى جماعة تواجه النظام بل إلى عصابة تعتدي على هذا وذاك، فإنهاء وجودها أصبح شيئًا ضروريًّا، ونحن لا ننكر أنه يوجد في داخل جبهة ثوار سوريا في الشمال بعض الفصائل أو بعض الألوية والكتائب التابعة له التي تحرص على قتال النظام ولا تترك ثغورها في قتال النظام، وهذه طبعًا لا نشملها ولا تؤخذ بجريرة ما يفعل جمال معروف ومن معه.
وأزيد على هذا أن أغلب الفصائل المتواجدة في الشمال كانت تطلب منا أن ننهي وجود جمال معروف وعصابته، وهذا الطلب لم يكن من الناس المعادين له بل حتى من الناس المتحالفين معه؛ بل حتى من بعض الفصائل التي كانت تصدر بيانات شجب واستنكار وتطلب منا أن نسوِّي الأمر ونخضع لمحكمة شرعية وما إلى ذلك. فهذا في الإعلام أما على أرض الواقع كانوا يطالبوننا بأن ننهي وجوده ونستمر في هذه الحملة لإنهائه بشكل كامل، ومنهم من كان يقول أننا مضطرون لأن نأخذ موقفًا على الإعلام بسبب الضغط الأمريكي، فسبحان الله! بالطبع لا يخفى أن بعض الفصائل المتواجدة هنا تجتمع في تركيا وهي التي يقصدها الغرب بأنها 'المعارضة المعتدلة' التي يلقون إليها بالذخيرة والسلاح ويهيئونها لأن تكون يدهم في هذه المنطقة، ومن أبرز هذه الفصائل هي جمال معروف، بالطبع يحاول هذا المدعو أن يخوّف الفصائل من أن جبهة النصرة ستستمر في حملتها حتى تقضي على الجميع، نحن لا نريد أن نجر الساحة إلى صراع داخلي آخر يكون لصالح النظام أو لصالح التحالف الدولي، وهذا مراد الكثير من الأطراف التي لا تريد الخير لهذه الساحة إلا أننا من حقنا أن نقف في وجه كل من يريد الشر لأهل الشام أو يعتدي على أتباعنا أو جبهة النصرة، هذا يعتبر من البغي الذي يجب علينا أن ندفعه عن أنفسنا وعن أهلنا.

جمال معروف يدَّعي أن جبل الزاوية قد تحرر قبل تأسيس جبهة النصرة؛ فكيف تردون على هذه النقطة؟

سبحان الله، الكل يعلم في جبل الزاوية أن هناك عمليات قامت بها جبهة النصرة في جبل الزاوية أثناء ما كان النظام يسيطر عليها، تسببت هذه العمليات في أن دفعت النظام إلى الانسحاب من جبل الزاوية، وأذكر على سبيل المثال لا الحصر عملية حاجز بليون مثلًا، والذي فيه أكثر مما يقارب 100 جندي هناك تابع للنظام حيث استهدفته جبهة النصرة بفضل الله عز وجل وجعلته ركامًا، وبعدها أيضًا كانت عملية حاجز البارة التي هي بجوار دير سنبل معقل هذا المدعو، بل وهناك حاجز بجوار دير سنبل وهي في حاجز بابيلا وأعتقد إما أنه سمع صدى استهداف هذا الحاجز أو أنه كان يتجنب المرور بجواره حتى يصل إلى معقله الذي هو دير سنبل، وكذلك معمل لويس، هذا ناهيك عن عشرات العمليات في حماة وفي محيط منطقة جبل الزاوية التي دفعت واضطرت النظام إلى أن ينسحب منه إلى أماكن أخرى، طبعًا أنا لا أنكر أن أهلنا في جبل الزاوية كان لهم دور أيضًا بارز في عمليات كثيرة كعملية كفرنبل التي هو كان يشارك فيها في ذلك الوقت، كان هذا الرجل يصح أن نطلق عليه 'رجلًا ثوريًّا' ثم دخل في متاهات السياسة واستدرجه بندر بن سلطان ثم استُدرج إلى المخابرات السعودية ثم استُدرج إلى المخابرات الأمريكية والغربية فأوقع بنفسه إلى هذه المهالك وإلى ما وصل إليه الآن، ولو كان بقي على ما كان عليه كرجل ثوري يقاتل يدفع عن أهله في وجه النظام لما وصل إلى هذه الحالة.
وفي أي وقت جمال معروف أو غيره يعلن توبته ويقطع كل علاقاته مع الخارج؛ العلاقات التي فيها عمالة مع الأمريكان أو مع المخابرات السعودية أو مع المخابرات التابعة لدول أخرى ويعلن توبته ويعود إلى أهله وإلى ناسه؛ فهو سيكون في هذا الوقت أخًا لنا، ندفع عنه ويدفع عنا، ونستعين به ويستعين بنا على الحق والخير، لكن بشرط أن نكون نعمل تحت راية (لا إله إلا الله) لتحكيم شرع الله ولإقامة حكم الإسلام في هذه الأرض، لا أن ننفذ أجندات الغرب في بلادنا.

الآن بعد ما حدث مع جمال معروف يتخوَّف الكثيرون في باقي الفصائل أن يتكرر نفس ما حدث معه وأن تسعى جبهة النصرة لحرب كافة الفصائل غيرها؛ أفلا ترون أن هذا التخوف يعتبر منطقيًّا خصوصًا بعد الأحداث الأخيرة؟

بالطبع كما ذكرت لك أن هذا المدعو يحاول أن يخوِّف هذه الفصائل من هذا الأمر، كما ذكرت؛ نحن نقف بوجه كل من يريد الشر ضد أهلنا في الشام أو يعتدي على جبهة النصرة أو يحاول أن يكون أداة للغرب في المنطقة لمواجهة مشروع الإسلام الذي يقوم على هذه الأرض.

وبماذا تنصحون تلك الفصائل والكتائب التي يستغلها الغرب لتحقيق أهدافه في ساحة الشام؟

المشكلة أن بعض هذه الفصائل يظن نفسه أنه يتلاعب على الأمريكان وأنه سيأخذ منهم الذخيرة والسلاح والمال ثم يتركهم وشأنهم، أو أنه يظن نفسه أنه لا يستجيب للضغوط التي ستملى عليه أو التي تملى عليه الآن، وهذا ضرب من الخيال؛ فهذه الجماعات ليست بدعًا من الجماعات الجهادية وغير الجهادية التي قامت في مواجهة أي اعتداء أو ظلم جرى على الأمة منذ مئة عام، فكل الجماعات التي وضعت أيديها بأيدي الغرب أو بأيدي الأعداء لهذا السبب وصلت إلى أن تكون أداة لهذا الغرض، وبعد انتهاء مهمتهم سيرمونهم كما رموا غيرهم من قبل، الذي يغلب على ظننا واليقين الجازم أن هذه الجماعات تُستخدم من قبل الغرب في تنفيذ مشروعها البحت وليست تأتي لتدعم هؤلاء الناس لخدمة الشعب السوري أو لخدمة أهل الشام أو لأجل رفع راية (لا إله إلا الله) ، فالغرب هو عدو قديم حديث لنا، ولن نستطيع أن نلتقي معهم في أي مصلحة في هذا الوقت وهذا الزمان لأنها هي مشاريع متضادة، المشاريع العلمانية، يريدون أن يقيموا دول علمانية ودول ديمقراطية -حسب زعمهم- ونحن نسعى لإقامة دولة إسلامية راشدة على منهاج النبوة.

أُشيع عنكم أنكم كنتم متحالفين مع جمال معروف أيام قتاله لجماعة الدولة، وأنكم مرَّرتم أسلحة وأرتالًا له؛ فما صحة هذه الأخبار؟ وما هي الضوابط التي تضعونها لتحالفاتكم مع غيركم من الجماعات وفصائل الجيش الحر وغيره؟

سبحان الله! هذه فرية عظيمة روجت علينا من قبل خصومنا، فنحن من ضمن ثوابتنا التي أسست عليها جبهة النصرة أننا لا نقاتل 'اختيارًا' مع أي جماعة مشبوهة، أقصد بـ'اختيار' أن يكون هذا ضمن خيار، في العمليات الهجومية يكون هذا ضمن الخيار، وفي العمليات الدفاعية بعض الأحيان المفاجئة لا يكون ضمنها خيار؛ كتقدم النظام فجأة مثلًا على منطقة من المناطق التي نسيطر عليها فيخرج كل الناس فيقاتلوا، هذا يعتبر تزامن قتال.
وأما حادثة أطمة فقد روجت علينا كثيرًا، وكل ما هنالك أن هذه المنطقة هي متاحة للجميع، وفيها عدد كبير كان من الفصائل، وبما فيهم كان جماعة الدولة كان لها نفوذ هناك، وكانت تدخل هذه الأرتال من الذخيرة والسلاح وهم كانوا يعلمون أن هذه الذخيرة والسلاح إلى أين ستذهب وإلى ماذا ستؤول، ثم لما حدثت الاضطرابات والقتال بين جماعة الدولة والفصائل الأخرى أخذت جبهة النصرة في ذاك الوقت موقف المصلح أو المحايد وقامت بحماية عوائل المهاجرين الذين يحاصرون أو يُضغط عليهم في مكان ما فكان لهم تجمع ما في أطمة، واجتهد الإخوة هناك أنهم لا يريدون أن يُدخلوا هذا الجمع الذي حدث هناك في صراع جديد مع هذه الفصائل حيث كانت الحرب على أشدها ومستعرة، وكذلك اجتهدوا أن لنا مواضع أخرى ضعيفة في أماكن ذات نفوذ لبعض هذه الفصائل فأي اصطدام هنا سيضعفنا في أماكن أخرى وسينتقمون من الإخوان في أماكن أخرى، وبالنسبة لي أنا لم أعلم بهذا الأمر إلا بعد ما حدث وجرى وليس كما يقال أني أنا كنت من أمر بهذا الشيء، اللهم عندما سمعت فيه وقلت لا يمرر أي سلاح في هذا الوقت لأي أحد إن استطعنا منعه، وأضيف أيضًا شيئًا آخر أن منطقة أطمة تعج بالنازحين في كل طرقها وشوارعها وأماكنها ومحيطها وأي اشتباك سيحدث هناك سيُحدث ضررًا كبيرًا وهائلًا في صفوف الناس المتواجدين هناك.

حسنًا، هذا على الصعيد العسكري، ولكن ماذا على صعيد إدارة المناطق المحررة، فقد كانت جبهة النصرة مشاركة في الهيئات الشرعية في أغلب المناطق المحررة، ولكن مؤخرًا انسحبت منها وأقامت دورًا للقضاء في أغلب مناطق تواجدها، واختلفت الآراء كثيرًا حول هذه الخطوة بين مؤيد لها ومعارض حتى قال البعض إنكم انسحبتم من الجبهات ونقاط الرباط ورجعتم لجني ثمار جهاد غيركم؛ فلماذا انسحبتم من هذه الهيئات الشرعية؟

الهيئات الشرعية بدايةً هي كانت فكرة قديمة بعد ما حررنا بعض المناطق وأصبح هناك فراغ يجب أن يُملأ، هناك نزاعات تحدث بين الناس، والمعركة قد طالت بيننا وبين النظام، فهذه النزاعات من سيملأ هذا الفراغ، فتشاورنا مع بعض الإخوة المحيطين من حولنا على أنه ما السبيل لهذا الأمر؟ فجرت عدة اقتراحات منها كان اقتراح أن نقيم هيئات شرعية بالاشتراك مع بعض الفصائل ونحكم بشرع الله عز وجل بيننا وبين الناس مع مراعاة أننا في دار حرب ومراعاة الاختلاف الجاري في الأحكام التي تجري على دار الحرب، وهذا كان مع بداية التحرير وانحياز النظام إلى مناطق ونحن إلى مناطق أخرى، فنحن منذ البداية لدينا اهتمام بتحكيم الشريعة وفرض سلطان الله عز وجل على هذه الأرض، وهذه المبادئ التي منذ البداية أعلنَّا عنها دون مواربة أو خجل أو أي شيء آخر، فأقيمت هذه الهيئات الشرعية بالاشتراك مع بعض الفصائل المحيطة من حولنا، لكن تداعيات الأحداث التي جرت وكثرة الرؤى في كيف سنصل إلى حكومة إسلامية وكيف سنصل إلى صيغة الحكم، فالفصائل التي كانت مشاركة معنا أصبح هناك اختلاف في الرؤى فكلٌّ أصبح ينظر للهيئة الشرعية من منظوره الخاص، فمنهم من ينظر إلى أنها سبيل لتحكيم الشريعة وهو الصواب، ومنهم من ينظر لها على أنها واجهة سياسية يريد أن يكسب بها بعض الناس فيدخل من يشاء ويخرج من يشاء، ومنهم من يرى أن فيها ضعفًا معينًا فيريد أن يجرها للتعاون مع الائتلاف وغير الائتلاف، فأصبحنا كالشركاء المتشاكسين في مكان واحد، وهذا أصبح يضر نوعًا ما بالهيئة الشرعية علمًا بأن بعض الفصائل المشاركة معنا لم نجد عندها جدية في تبني المشروع بل وكانوا يصرِّحون أنه ليس مشروعنا في تحكيم الشريعة هو الهيئات الشرعية في الآونة الأخيرة، ناهيك عن الضغط العسكري والقصف بالبراميل كان في مدينة حلب خاصة مما أجبر أعدادًا كبيرة من سكان مدينة حلب للنزوح إلى الأرياف، وكما تعلم أن الهيئات الشرعية ومجالس الحكم يجب أن تكون في الأماكن التي يتواجد فيها الناس لا في الأماكن التي يخلو منها الناس، فبكل الاعتبارات والمقاييس أصبح الحكم على الهيئة الشرعية أنها فقدت الجوهر الذي أقيمت لأجله وما عادت تستطيع أن تكمل المشروع، فقررنا أن ننشئ بديلًا عن الهيئات الشرعية ونضع له ضوابط أشد من الضوابط التي كانت في الهيئات الشرعية لكي نقيم مشروعًا يعيننا على الاستمرار، لا أن ينتهي في منتصف الطريق، فيجب أن الذي يشترك معنا في دور القضاء أن يتفق معنا على الأهداف وعلى الوسائل للوصول لهذه الأهداف، وبالطبع هذا يدفع إلى إنجاح المشروع دور القضاء وتحكيم الشريعة في أرض الشام وفي المناطق المحررة على أقل تقدير، فنحن لا نستطيع أن ترك هذا الفراغ لأي كان يأتي ويملؤه، وهناك مجموعات من نقابات المحامين وغيرها يسعون لإقامة مثل أحكام في القوانين الجزائية الوضعية وهذا مما لا يسعنا أن نترك هذا المكان فارغًا لهؤلاء، فلا بد أن نملأ الفراغ ونمنع هؤلاء الناس من أن يقوموا بحكم الناس بقوانين وضعية، فكانت فكرة إنشاء دور القضاء، وعرضنا على بعض الفصائل؛ فمنهم من شارك معنا ومنهم من رضي بأن يدخل معنا لكن لم يُفعِّل نفسه فيها بشكل كبير أو لم يلتزم بما ترتب عليها من التزامات داخل دور القضاء. فبالفعل جبهة النصرة هي التي تحمل الجزء الأكبر من حمل مشروع دور القضاء ومعنا بعض الفصائل سواء المؤيدة لنا أو المشاركة بشكل ضعيف، ولكي لا يحدث تصادم بيننا وبين بعض ما تبقى من الهيئات الشرعية فنحن لم ننشئ دور القضاء في الأماكن التي تتواجد فيها الهيئات الشرعية، بل أنشأنا دور القضاء في أماكن لنا فيها نفوذ واسع بل لنا فيها السيطرة شبه التامة في هذه المناطق لكي لا يحدث تصادم بيننا وبين الهيئات الشرعية.

وما هو الدور الذي تقوم به دور القضاء في الوقت الحالي؟

دُور القضاء تقوم بالقضاء بين الناس والفصل في النزاعات وكله بشرع الله عز وجل، وفي الأيام القادمة إن شاء الله سندعوكم كالمنارة البيضاء لتقوموا بجولة على دور القضاء وتنقل للناس الدور الهام الذي تقوم به هذه الدور فالناس يقبلون عليها بكثرة ولله الحمد يتحاكمون فيها وترد الحقوق إلى أهلها، ونحن كما وعدنا الناس أن أول من يتحاكم فيها هم أفراد جبهة النصرة فإن كان للناس حقوق عندنا نحن نقدمها لهم من خلال دور القضاء بإذن الله تعالى.

قد قيل إنكم انسحبتم من بعض الجبهات ونقاط الرباط لتستطيعوا أن تقيموا هذه الدور ولتفقدوا سيطرتكم في مناطق تواجدكم؛ فما هو حقيقة هذا الأمر؟

لم يحدث هذا على حساب هذا أبدًا، ونحن في الوقت الذي نضطر فيه كنقص عدد أو ما شابه ذلك فإننا نقدم دفع الصائل على هذا، فحتى الجنود الذين يقومون بمهمة الشرطة أو الحسبة في دور القضاء إذا حدثت عمليات كبيرة وكنا في حاجة أو نقص من الأعداد ندفع هؤلاء الإخوة لأن يقاتلوا في الجبهات أيضًا، بل وحتى بعض القضاة يشاركون في القتال في الجبهات، فلم يكن هذا على حساب الثغور والجبهات على الإطلاق.

· أيضًا من الاتهامات التي توجه لكم دائمًا هي تهمة تهميش المهاجرين وعدم الاستفادة من الكوادر والطاقات التي هاجرت إليكم من كل مكان؛ فما هو دور المهاجرين في جبهة النصرة؟

سبحان الله، هذا الموضوع طُرح بشكل ظالم ووقع حيف كبير على جبهة النصرة في هذه الجزئية وخاصة بعد الخلاف الذي نشب بيننا وبين جماعة الدولة، علمًا بأننا نحن أوائل من أذنَّا للمهاجرين بالدخول وتوفير أماكن لهم وتسليحهم والإشراف على تدريبهم ونقلهم للجبهات والثغور وفسح المجال لهم للمشاركة في القتال، ونحن نعتقد أن الجماعة الجهادية لا بد أن يكون فيها العنصر المهاجر؛ فهو الذي يضفي عليها الصفة الأممية ويبعد عنها الصفة القطرية والمناطقية في القتال، وهذا مبدأ مهم وهو مبدأ سُني يجب علينا الحفاظ عليه، ففيما قبل حدوث الخلاف بيننا وبين جماعة الدولة كان ما يقارب 70% من قيادات الجبهة هم المهاجرين، ثم تضاءلت هذه النسبة بعد الخلاف إلى أن أصبحت 40% من القيادات هم من المهاجرين، وأما بالنسبة للجنود فهم يشكلون ما يقارب 30-35% من عدد جنود الجبهة بشكل كامل، وهذه هي النسبة الطبيعية للجماعة الجهادية في مثل ظروف كهذه، ونحن نسعى على الدوام إلى استقبال المهاجرين وندعوهم إلى النفير إلى أرض الشام، ونحن بإذن الله تعالى نتكفل بتأمينهم ونقتسم ما بيننا وبينهم كل ما نملكه إن شاء الله تعالى.

وفي الختام نتوجه بخالص الشكر والتقدير لفضيلة الشيخ الفاتح على إتاحة فرصة هذا اللقاء، فجزاكم الله خيرًا شيخنا، وإلى لقاء قريب نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلًا وسهلًا بكم، وجزاكم الله خيرًا، وعليكم السلام ورحمة الله.

موقع الخدمات البحثية