أخبار خاصة » الوظائف العسكرية والمهن الثانية للنخبة العسكرية الإسرائيلية


أورين باراك ـ إيال تسور / The Middle East Joascii117rnal ـ صيف 2012
تبحث هذه المقالة الوظائف العسكرية والمهن الثانية لأفراد النخبة العسكرية الإسرائيلية منذ تأسيس دولة إسرائيل وجيشها ـ قوات الدفاع الإسرائيلية ـ حتى وقتنا الحاضر. وهذا الأمر يتم عن طريق تحليل قاعدة بيانات أصلية تتضمن تفاصيل حول كل الضباط البالغ عددهم 213 ضابطاً تمت ترقيتهم إلى أعلى رتبتين في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي ـ رتبة لواء ( Alascii117f) ورتبة فريق ( Rav Alascii117f) ـ الذين خدموا في سلكه العام منذ العام 1948. بعد تقديم توصيف للوظائف العسكرية للضباط ولمهنهم الثانية على امتداد هذه الفترة، نناقش التفاعل الموجود بين الصفات المحددة للنخبة العسكرية الإسرائيلية، من جهة، وبين العلاقات المدنية ـ الأمنية وعملية تشكيل الدولة، من جهة أخرى.
في مقالة سابقة، والتي بحثت في الخلفية الاجتماعية للنخبة العسكرية الإسرائيلية، أشرنا إلى ندرة الدراسات حول هذه المجموعة في العقود الأخيرة برغم الأدوار المحورية التي توصل أفرادها  للعبها في المجالين الأمني والمدني للدولة منذ استقلال الدولة عام 1948. ونبحث في هذه المقالة بعدين إضافيين للنخبة العسكرية الإسرائيلية ـ وظائف أفرادها العسكرية ومهنهم الثانية ـ والمساعدة بالتالي على سد هذه الفجوة. نقوم أيضاً باستكشاف التفاعل الموجود بين الصفات المحددة للنخبة العسكرية الإسرائيلية، من جهة، وبين التطورات السياسية والاجتماعية ـ السياسية الواسعة النطاق  في إسرائيل، تحديداً نموذجها المتعلق بالعلاقات الأمنية ـ المدنية وعملية تشكيل الدولة، من جهة أخرى.
لتحقيق هذه الأهداف، تعمل هذه المقالة على تحليل قاعدة بيانات أصلية قمنا بتجمعيها، والتي تتضمن تفاصيل حول 213 ضابطاً ممن تمت ترقيتهم إلى أعلى رتبتين في صفوف قوات الدفاع الإسرائيلية ـ رتبة لواء ( Alascii117f) ورتبة فريق ( Rav Alascii117f) ـ والذين عملوا في السلك العام للجيش، في قيادته القيادية الرئيسة، منذ تأسيسه في أيار 1948 حتى وقتنا الحاضر. وفي حين تعتبر بعض هذه البيانات منقوصة ( نذكر الثغرات الموجودة أدناه)، فإن لدينا معلومات كافية لوصف النخبة العسكرية الإسرائيلية على امتداد الفترة الزمنية الخاضعة للبحث. وتأخذ المقالة مجراها كالتالي. نبدأ بموضعة دراستنا عن النخبة العسكرية الإسرائيلية ضمن الجدل الدائر بما يتعلق بنموذج العلاقات الأمنية ـ المدنية للدولة. وكما نظهر في هذه المقالة، ورغم أن هناك دراسات عديدة كتبت حول هذه القضية والتي تلامس الأدوار التي لعبتها النخبة العسكرية، فإن دراسة منهجية حديثة تركز على هذه المجموعة تعتبر مفقودة وبالتالي مرغوبة. ثم نقوم بتقديم  النتائج التي توصلنا إليها بما يتعلق بالوظائف العسكرية والمهن الثانية لأفراد النخبة العسكرية الإسرائيلية في فترات زمنية مختلفة من تاريخ الدولة وجيشها ـ جيش الدفاع الإسرائيلي. في القسم الثالث، نقوم بتحديد علامات الاستمرارية والتغيير في هذين المجالين عبر السنوات. ونختم المقالة بسؤال عن الكيفية التي تتصل بها الاستنتاجات التي توصَّلنا إليها بالتطورات السياسية والسياسية ـ الاقتصادية في 'إسرائيل' منذ استقلالها عن طريق تقديم تساؤلات بغرض القيام ببحوث أكبر.

النخبة العسكرية الإسرائيلية والجدل حول العلاقات المدنية ـ الأمنية الإسرائيلية
في مقالة سابقة عالجت الخلفية الاجتماعية لأفراد النخبة العسكرية الإسرائيلية، قلنا بأن الدراسة المتعلقة بالقطاع الأمني لهذه الدولة  ـ خاصة قوات الدفاع الإسرائيلي ـ والعلاقة بين المجالين المدني والأمني للدولة، قد توسعت بشكل هام. كما أشرنا إلى أن من بين هذه الأعمال العديدة المنشورة حول هذه المواضيع، تركز قلة منها فقط على النخبة العسكرية الإسرائيلية. فما الذي يمكن أن يتسبب في هذه الفجوة؟ سوف نظهر في هذا القسم أنه برغم وجود مقاربات بحثية مختلفة، ومتعارضة في الواقع لنموذج العلاقات المدنية الأمنية الإسرائيلية ـ التي يشار إليها بصفتها المقاربات ' التقليدية'، ' الناقدة' ' والناقدة الجديدة' ـ فإن أكثرية الدراسات في معظم الفترات الزمنية منذ العام 1948 لم تعتبر أن النخبة العسكرية الإسرائيلية فاعل اجتماعي، سياسي، أو اقتصادي في حد ذاته.
قالت المقاربة الأولى للعلاقات المدنية ـ الأمنية، المقاربة التقليدية، بأن الحدود بين المجالين المدني والأمني لـ'إسرائيل' مجزأة وبأن السيطرة المدنية على الأجهزة الأمنية للدولة، وخاصة جيش الدفاع الإسرائيلي، كانت قوية منذ الاستقلال. وبحسب ما يقول هذان الكاتبان، كانت العلاقات  المدنية ـ الأمنية متصفة ' بشراكة' بين القيادات المدنية والعسكرية كانت فيها الأولى ( القيادة المدنية) هي المهيمنة. فضلاً عن ذلك، ساعد تجنيد، تدريب، وتعيين ضباط جيش الدفاع، إضافة إلى دمجهم في المجالات السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية للدولة بعد تقاعدهم ( المبكر نسبياً) على منع بروز نخبة عسكرية مستقلة ومتمايزة في إسرائيل وضمن التبعية المستمرة لجيش الدفاع للقيادة المدنية ـ السياسية. في نفس الوقت، وفر هذا الترتيب المعين وجود تدفق مستمر من الكوادر الموثوقة لمجالات مدنية مختلفة في إسرائيل ـ في الحياة السياسية، المجتمع، الاقتصاد، إلى ما هنالك.  بمعنى آخر،  لم تتلق النخبة العسكرية الإسرائيلية معاملة منفصلة لأن كبار ضباط الجيش كانوا مندمجين بالكامل في النخبة الحاكمة للدولة.
تحدت المقاربة الناقدة، التي برزت في إسرائيل في أوائل الثمانينات، بعض الطروحات الأساسية للمقاربة التقليدية، تحديداً مفهوم ' الحدود المجزأة' بين المجالين المدني والأمني الإسرائيليين التي كان كتاب تقليديون قد حددوها في الحالة الإسرائيلية. وعلى خلاف نظرائهم التقليديين، عرض الكتاب الناقدون إلى أن موضع الحدود بين المجالين المدني والأمني لإسرائيل لم يكن ثابتاً، بل تحول بمرور الوقت وفقاً للتفاعل المتغير بين الأنظمة الفرعية العسكرية والمدنية المختلفة في 'إسرائيل'، بما فيها الأحزاب السياسية مثل حزب ' مباي'، الذي هيمن على الدولة في عقودها الأولى. في كل الأحوال، وبسبب أسسهم النظرية المتشابهة إلى حد كبير، تحدث الكتاب الناقدون، أيضاً، عن شراكة مدنية ـ عسكرية في 'إسرائيل' استدعوا فيها التجارب، خاصة التجارب قبل حرب 1967 العربية ـ الإسرائيلية. ولاحقاً فقط بدأ نفوذ جيش الدفاع الإسرائيلي في عملية صنع القرار في 'إسرائيل' بالارتفاع ومنافسة ائتلافات الضباط والسياسيين التي اتسمت بها العلاقات المدنية  ـ الأمنية الإسرائيلية. وحتى نكون نزيهين، فقد درس بعض هؤلاء الكتاب التركيبة الداخلية للنخبة العسكرية الإسرائيلية. لكنهم عندما قاموا بذلك حتى، هم لم يعتبروها مجموعة اجتماعية متمايزة ومنفصلة تستحق معاملة منفصلة.
برزت المقاربة الثالثة للعلاقات المدنية  ـ الأمنية الإسرائيلية، المقاربة الناقدة الجديدة، في أواخر الثمانينات والتسعينات كجزء من التوجه ما بعد الحداثة في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية. وعلى خلاف المقاربتين الأولى والثانية، رفض هؤلاء الكتاب الفصل بين مجال مدني ومجال مدني ـ أمني في 'إسرائيل'، وتحدثوا، بدلاً عن ذلك، عن سمتها ' العسكرية'. فقد انتقدت أعمال نقدية جديدة، تحديداً مفهوم ' أمة السلاح'، التي، وفقاً لها، تعتم على ' عسكرة' إسرائيل. فضلاً عن ذلك، لقد افترض المؤلفون بأن الشراكة المدنية ـ العسكرية، المحددة بأعمال سابقة، كانت في الواقع ترتيباً بين النخب السياسية ـ المدنية والنخب العسكرية ـ الأمنية في 'إسرائيل' الذي بواسطته مارست النخب الأولى السيطرة على الثانية في مقابل تقبل الأولى للسياسات ' المعسكرة' في فترة ما قبل الدولة وما بعد الاستقلال. في كل الأحوال، ما يثير الاهتمام هو أن هؤلاء الكتاب لم يشيروا أيضاً إلى وجود نخبة عسكرية متمايزة ومنفصلة في إسرائيل، مشددين، بدلاً من ذلك، على عسكرتها ' الثقافية' و ' المعرفية'.
في الآونة الأخيرة فقط، تحديداً بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (أو انتفاضة الأقصى)، بدأ طلاب العلاقات المدنية ـ الأمنية الإسرائيلية يدركون الدور المحوري لأفراد النخبة العسكرية الإسرائيلية في كل جوانب الحياة العامة في 'إسرائيل' ـ خاصة في النظام السياسي إنما في المجتمع، الاقتصاد، والثقافة العامة أيضاً. بالواقع، تشير دراسات عديدة حول هذا الموضوع منذ بداية القرن 21  إلى الدور البارز لكبار الضباط في جيش الدفاع الإسرائيلي في عملية صنع السياسة في 'إسرائيل'، إضافة إلى انخراطهم الهام في الحياة السياسية المحلية والوطنية بعد تقاعدهم. وتم تحديد وتحليل الدور البارز لكبار الضباط العاملين والمتقاعدين (ومسؤولين أمنيين آخرين) في الشبكات السياسية العاملة في مجال الأمن الوطني ومختلف المجالات الأخرى  ـ المشار إليها من قبل البعض ' بالشبكة الأمنية' لـ'إسرائيل'. وتشكل هذه المساهمات الأخيرة في أدب البحث حافزاً لهذه المقالة.
النخبة العسكرية الإسرائيلية: تحليل لفترة تلو الأخرى
في هذا القسم نبحث الوظائف العسكرية والمهن الثانية لجميع أفراد النخبة العسكرية الإسرائيلية من العام 1948 وحتى وقتنا الحاضر. ولتحديد التوجهات التاريخية، قمنا بتقسيم هذه الفترة إلى سبع فترات زمنية فرعية، تمثل كل منها عقداً من الزمن في تاريخ الدولة وجيش الدفاع الإسرائيلي، وحاولنا وصف النخبة العسكرية الإسرائيلية في كل فترة من الفترات الزمنية الفرعية هذه. أما هذه الفترات فهي: (1) 1948 ـ1957؛ (2) 1958 ـ1967؛ (3) 1968 ـ1977؛ (4) 1978 ـ1987؛ (5) 1988 ـ1997؛ (6) 1998 ـ2007؛ (7) 2008 ـ وحتى وقتنا الحاضر. في كل الأحوال ينبغي الإضافة بأن هناك تداخل معين بين هذه الفترات الزمنية الفرعية، إذ أن بعض الجنود خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في أكثر من فترة زمنية فرعية واحدة.

الفترة الزمنية الفرعية الأولى ( 1948 ـ1957)
شهدت الفترة الزمنية الفرعية الأولى في تاريخ إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي صراعين كبيرين بين 'إسرائيل' والعرب وذلك بين عاميْ 1947 ـ1949 وفي العام 1956، إضافة إلى صدامات محدودة، خاصة حول حدود الدولة الجديدة. وقد حصل التغيير أيضاً في 'إسرائيل' في هذه الفترة الزمنية من استراتيجية عسكرية ' دفاعية ـ هجومية' إلى ' هجومية ـ دفاعية'، ومهدت الطريق لإعادة تنظيم جيش الدفاع في السنوات اللاحقة. في هذه الفترة الزمنية الفرعية، هيمن حزب  'مباي'، الذي كان غالباً بقيادة ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء لـ'إسرائيل' ووزير دفاعها، لكن أيضاً بقيادة موشيه شاريط، الذي عمل رئيساً للوزراء ووزيراً للخارجية في الفترة ما بين عاميْ 1953 ـ1955، على النظام السياسي لإسرائيل والدولة وكان فاعلاً رئيساً في الاقتصاد، المجتمع، والثقافة العامة.
خلال هذه الفترة الزمنية، خدم 36 ضابط في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي، ومن هؤلاء الضباط، كان هناك 32 ضابط برتبة لواء و4 برتبة فريق ( وهي رتبة رئيس هيئة الأركان). وتظهر البيانات حول 34 ضابط من هؤلاء الضباط بأن المعدل الوسطي لسن التقاعد كان 41.9. دعونا الآن نبحث في الوظائف العسكرية والمهن الثانية لهؤلاء الضباط.

الوظائف العسكرية
من أصل الـ 36 ضابط ممن خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في الفترة الزمنية الفرعية الأولى، كان 24 منهم ( 66.7%) قد خدموا سابقاً في جيش بلد آخر، غالباً في الجيش البريطاني ( 18 أو 50 % من مجموع الضباط) لكنهم خدموا أيضاً في الجيش الروسي  (ضابطين)، النمساوي  ـ الهنغاري (واحد)، الجيش العثماني (واحد)، الأميركي ( واحد)، والفرنسي ( واحد). إضافة لذلك، خدم جميع الضباط الـ 36، ما عدا واحداً، في ' الهاغانا'، الميليشيا اليهودية الرئيسة شبه العسكرية في فترة الانتداب البريطاني في فلسطين، ومن هؤلاء الضباط خدم تسعة منهم في مجموعة ما من المجموعات شبه العسكرية قبل استقلال إسرائيل. ومن المعروف عن 10 منهم بأنهم تلقوا تدريباً في الخارج، ومن هؤلاء الضباط ثمانية تدربوا في أوروبا وثلاثة في الولايات المتحدة ( أحد الضباط تدرب في الاثنين).
ومن أصل الضباط الـ 36 جميعاً، خدم 32 منهم ( 88.9%) في القوات البرية،  أربعة ( 11.1%) في سلاح الجو، و ثلاثة ( 8.3%) في سلاح البحرية ( أحدهم خدم في القوات البرية وسلاح الجو، وواحد في الفروع الثلاثة لجيش الدفاع الإسرائيلي). ومن أصل الضباط الذين خدموا في القوات البرية، خدم 17 منهم ( 47.2%) في سلاح المشاة، أربعة ( 11.1%) في سلاح المدرعات، واحد ( 2.8%) في سلاح المدفعية، اثنان ( 5.6%) في الخدمات اللوجستية، وواحد ( 2.8%) في الاستخبارات. ومن أصل الضباط الـ 36 كلهم الذين خدموا في السلك العام للجيش في هذه الفترة الزمنية، خدم 29 منهم ( 80.8%) في الوحدات القتالية ( بما فيه فترة خدمتهم في جيوش أخرى) وسبعة ( 19.4%) لم يخدموا في هذه الوحدات.

المهن الثانية
توفي ضابطان من أصل الـ 36 ضابط أثناء خدمتهم العسكرية. ويُعرف عن الـ 34 ضابط ممن تقاعدوا من جيش الدفاع الإسرائيلي بأنه كان لديهم مهنة ثانية ما عدا واحداً، ومن بين هؤلاء كان لدى 13 منهم مهنة ثانية واحدة فقط في حين كان لدى الآخرين كلهم أكثر من مهنة ثانية واحدة. وكان لدى 17 من الضباط المتقاعدين ( 50%) مهنة ثانية في مجال الخدمة العامة، انضم 14 منهم ( 40%) إلى قطاع التجارة والأعمال،و 10 ( 29.4%) إلى النظام السياسي ( لكن كان لدى واحد فقط مهنة واحدة في السياسة فحسب) وانضم 6 ( 17.6%) إلى الخدمة الخارجية، وكان 4 ضباط ( 11.8%) فاعلين في الوسط الأكاديمي والأبحاث، وخدم 3 منهم ( 8.8%) في أجهزة أمنية أخرى في إسرائيل.
ماذا عن دور هؤلاء الضباط المتقاعدين في الحياة السياسية؟ إن درساً للعضوية الفعلية لهؤلاء الضباط السابقين في الأحزاب السياسية الإسرائيلية وهويتهم العامة مع هذه الأحزاب يكشف  عن أن 16 من أصل 34 ضابط متقاعد ( 47.1%) لديهم علاقات مع أحزاب سياسية بعد تقاعدهم، ومن هؤلاء كان لدى ثمانية منهم علاقات مع حزب واحد فقط. أما الأحزاب التي كان للضباط علاقات معها فمدرجة في الجدول 8 أدناه.
الفترة الزمنية الفرعية الثانية ( 1958 ـ 1967)
شهدت الفترة الزمنية الفرعية الثانية من تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي صراعاً كبيراً واحداً بين إسرائيل وجيرانها العرب  ـ حرب 1967. في هذه الفترة الزمنية الفرعية، ظل حزب ' مباي' الحزب الإسرائيلي المهيمن، أولاً  بقيادة بن غوريون ومن ثم بظل قيادة ليفي إشكول. في كل الأحوال، وعند نهاية هذه الفترة الزمنية كانت أول حكومة وحدة وطنية إسرائيلية قد تشكلت بمشاركة الكتلة الليبرالية  ـ هيروت. أما الابتكار الآخر فكان تعيين ضابط كبير متقاعد هو  الفريق ( الليفتانت جنرال) موشيه دايان، رئيس هيئة أركان سابق ، كوزير للدفاع.
في هذه الفترة الزمنية الفرعية، خدم 35 من كبار الضباط في السلك العام لجيش الدفاع، بمن فيهم 32 ضابط برتبة لواء و 3 برتبة فريق. وبناء على البيانات المجموعة حول جميع هؤلاء الضباط، فإن المعدل الوسطي لسن الترقية لرتبة لواء  كان 38.6، ما يعتبر أعلى من الفترة الزمنية الفرعية السابقة أيضاً.

الوظائف العسكرية
من أصل مجموع الضباط الـ 35 الذين خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الفترة الزمنية الفرعية، كان 13 منهم ( 37.1%) قد خدموا سابقاً في الجيش البريطاني لكن لم يخدم أي منهم في جيش أجنبي آخر. إضافة لذلك، خدم 33 ضابط في الهاغانا قبل العام 1948. ومن أصل أولئك الـ 33، خدم 8 أيضاً في ' البالماخ'، وواحد أيضاً في ' إيتزل'، وواحد في ' بريت نعار حميري ( فئة مناهضة لبريطاني قصيرة العمر )، وخدم خمسة أيضاً في ' شرطة المستوطنات اليهودية' التي كانت تعمل بظل الانتداب البريطاني. وفقط اثنان من كبار الضباط لم يكونوا أعضاء في أية مجموعة يهودية شبه عسكرية في فترة ما قبل الدولة. ويُعرف عن 19 من أصل 35 ضابط بأنهم قد تدربوا في الخارج، وهؤلاء الـ 17 تدربوا في أوروبا وتدرب 3 في الولايات المتحدة ( وتدرب ضابط واحد في كليهما).
 ومن أصل الضباط الـ 35، خدم 29 منهم ( 82.9%)  في القوات البرية، 4 ( 11.4%) في سلاح الجو، و3 في سلاح البحرية ( 8.6%). وخدم أحد الضباط في كل من القوات البرية وسلاح الجو. ويشتمل  الضباط الذين خدموا في القوات البرية 23 ضابطاً ( 65.7%) ممن خدموا في سلاح المشاة، 5 ( 14.3%) في سلاح المدرعات، اثنان (5.7%) في الاستخبارات، وواحد ( 2.9%) في سلاح المدفعية. وخدم 33 من الضباط ( 94.3%) في وحدات قتالية واثنان ( 5.7%) لم يفعلوا.  
لقد تقاعد جميع الضباط الـ 35 الذين خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الفترة الزمنية الفرعية وكان لهم مهنة ثانية. ومن هؤلاء، كان لدى 13 ضابط مهنة واحدة فقط والباقون كان لديهم أكثر من مهنة (كان لدى أحدهم 3 مهن ولدى ثلاثة منهم 4 مهن).
من الضباط المتقاعدين، كان لدى 16 منهم ( 45.7%) مهنة ثانية في مجال الخدمة العامة وانضم نفس العدد إلى قطاع الأعمال والمشاريع. كما انضم 12 ضابطاً ( 34.%) إلى النظام السياسي ( مجدداً ضابط واحد فقط كان لديه مهنة ثانية فقط في السياسة)، وعمل سبعة منهم ( 20%) في القطاع الأمني، خمسة ( 14.3%) في الوسط الأكاديمي والأبحاث، وأربعة  ( 11.4%) في الخدمة الخارجية.
من أصل الـ 35 ضابط، كان لدى 22 منهم ( 62.9%) روابط وصلات بأحزاب سياسية بعد تقاعدهم،  ومن هؤلاء كان لعشرة فقط صلات بحزب واحد فقط ( كان لضابطين روابط بثلاثة أحزاب ولضابط واحد علاقات بأربعة أحزاب). أما الأحزاب التي كان للضباط علاقات معها بعد تقاعدهم مدرجة في الجدول 8 أدناه.

الفترة الزمنية الفرعية الثالثة ( 1968 ـ1977)
شهدت الفترة الزمنية الفرعية الثالثة صراعين عربيين ـ إسرائيليين، حرب الاستنزاف ( 1969 ـ1970) وحرب 1973 العربية  ـ الإسرائيلية، و' عودة' تصاعد الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، حول الحدود مع لبنان والأردن بشكل رئيس، وأماكن أخرى أيضاً. في هذه الفترة الزمنية، كان حزب ' مباي' لا يزال مهيمناً على النظام السياسي الإسرائيلي  ـ والموجود اليوم تحت اسم ' حزب العمال'، الذي شكل مع حزب ' مابام' ائتلاف ' ماراخ' ( الاصطفاف). لكن هذا الأمر يتغير في العام 1977، عندما جاء الليكود ( الذي ضم الكتلة الليبرالية ـ حيروت وفئات صغيرة أخرى) وحلفائه، خاصة حزب ' داش'، إلى السلطة.
خلال هذه الفترة الزمنية، خدم 47 من كبار الضباط في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي، بمن فيهم 44 من الضباط برتبة لواء و ثلاثة برتبة فريق. وتظهر البيانات حول هؤلاء الضباط بأن المعدل الوسطي لسن الترقية لرتبة لواء كان 43.2، ما يعني، معدلاً أعلى، بشكل لا بأس به، من الفترة الزمنية الفرعية السابقة. وتظهر البيانات حول 45 ضابطاً بأن معدل سن التقاعد كان 50 عاماً، الذي هو أعلى من السابق أيضاً.

الوظائف العسكرية 
من أصل الـ 47 ضابط الذي خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الفترة الزمنية الفرعية، كان ستة فقط منهم ( أو 12.8%) قد خدموا سابقاً في الجيش البريطاني. في كل الأحوال، كان قد خدم 39 ضابط  منهم في ' الهاغانا'، ومن هؤلاء خدم 19 ضابط أيضاً في 'البلماخ' وخدم واحد أيضاً في ' إيتزل'. وخدم ضابطان في ' إتزل' فقط وخدم اثنان ' شرطة المستوطنات اليهودية'. وهناك أربع ضباط فقط لم يخدموا في أي مجموعة يهودية شبه عسكرية قبل الاستقلال. ومن المعروف أن 27 من الضباط قد تدربوا في الخارج، بمن فيهم 18 ممن تدربوا في أوروبا و10 تدربوا في الولايات المتحدة ( أحد الضباط تدرب في كليهما).
ومن أصل جميع الضباط الـ 47، خدم 41 منهم ( 87.2%) في القوات البرية، وخدم 3 ( 6.45) في سلاح الجو، و3 ( 6.4%) في سلاح البحر. ويتضمن الضباط الذين خدموا في القوات البرية 30 ضابطاً ( 63.8%) ممن خدموا في سلاح المشاة، 12 ( 25.5%) في سلاح المدرعات، واحد ( 2.1%) في سلاح المدفعية، وواحد (2.1%) في الاستخبارات. وخدم 42 ضابط ( 89.4%) في وحدات قتالية وخمسة ( 10.6%) لم يخدموا.

المهن الثانية
مات ثلاثة من أصل الضباط الـ 47 الذين خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الفترة الزمنية الفرعية خلال خدمتهم العسكرية. ومن أصل الضباط الـ 44 الذين تقاعدوا من جيش الدفاع الإسرائيلي، من المعروف عن 40 منهم بأن لديهم مهنة ثانية، ومن بين هؤلاء هناك 19 منهم كان لديهم مهنة واحدة فقط والباقي كان لديه أكثر من مهنة.
 من أصل الضباط الـ 44 المتقاعدين، كان لدى 21 منهم ( 47.7%) مهنة ثانية في مجال قطاع الأعمال والتجارة، ولـ 11 منهم ( 25%) مهنة ثانية في الخدمة العامة. وكان هناك 8 ضباط متقاعدين ( 18.2%) منخرطين في العمل في الحياة السياسية ( لكن كان لواحد فقط مهنة ثانية فحسب في السياسة). وقد خدم نفس العدد في القطاع الأمني. وكان هناك 4 ضباط متقاعدين ( 9.1%) منخرطين في العمل في الوسط الأكاديمي والأبحاث وانضم 3 منهم ( 6.8%) إلى الخدمة الخارجية.
ومن المعروف عن 22 ضابط ( ما يعني 50% من المتقاعدين) بأن لديهم علاقات مع أحزاب سياسية، ومن هؤلاء، كان لدى 12 منهم علاقات مع حزب واحد. وكان لدى 3 ضباط علاقات مع ثلاثة أحزاب وكان لدى ضابط واحد علاقات مع أربع أحزاب. هؤلاء الأحزاب مدرجة أسماؤهم في الجدول 8 أدناه.

الفترة الزمنية الفرعية الرابعة ( 1978 ـ1987)
لم تشهد الفترة الزمنية الفرعية الرابعة في تاريخ إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي معاهدة السلام العربية ـ الإسرائيلية الأولى فقط، بين إسرائيل ومصر، وإنما شهدت أيضاً مواجهتين عربيتين ـ إسرائيليتين، برغم أنهما كانتا من نوعين مختلفين: حرب لبنان عام 1982 والانتفاضة الفلسطينية عام 1987. أما على الصعيد المحلي، فقد دفع حزب الليكود باتجاه تحرر الاقتصاد لكن النتيجة كانت أزمة اقتصادية حادة في  أوائل الثمانينات. أما على صعيد النظام السياسي، فقد انتهى الحكم الحصري لحزب الليكود وحلفائه في العام 1984 عندما تم تشكيل ' حكومة وحدة وطنية' بقيادة الليكود وحزب العمال. وقد بدأت هذه الحكومة  بإصلاحات سياسية واقتصادية هامة والتي كانت موجهة نحو اقتصاد السوق.
في هذه الفترة الزمني، خدم 49 من كبار الضباط في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي، بمن فيهم 47 ضابط برتبة لواء وضابطين برتبة فريق. وتعرض البيانات المجموعة حول كل هؤلاء الضباط إلى أن المعدل الوسطي لسن الترقية إلى رتبة لواء كان 44.7 عاماً، ما يعني أعلى بقليل من القترة الزمنية الفرعية السابقة، وتظهر البيانات حول 48 ضابط بأن المعدل الوسطي لسن التقاعد كان 52.5 عاماً، وهو معدل أعلى من قبل أيضاً.

الوظائف العسكرية
هناك اثنان فقط من أصل 49 ضابط ممن خدموا في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي في هذه الفترة الزمنية الفرعية ( 4.1%)  كانوا قد خدموا سابقاً في جيش آخر ( كلاهما خدم في الجيش البريطاني). في كل الأحوال، لق توقف عدد الضباط الذين خدموا في ' الهاغانا' عند رقم 13 ( من هؤلاء، خدم اثنان أيضاً في ' البلماخ') وخدم اثنان في ' إتزل'. ولم يخدم 34 ضابط ( 69.45) في أية قوة يهودية شبه عسكرية قبل العام 1948. ومن المعروف عن 27 ضابط بأنهم قد تدربوا في الخارج، بمن فيهم 16 ضابط تدربوا في أوروبا و11 تدربوا في الولايات المتحدة.
ومن أصل الضباط الـ 49 جميعاً، جاء 43 منهم ( 87.8%) من القوات البرية،3 ( 6.1%) من سلاح الجو، و3 ( 6.1%) من سلاح البحرية. ومن بين الضباط الذين خدموا في القوات البرية، خدك 23 منهم ( 46.9%) في سلاح المشاة، 17 ( 34.7%) في سلاح المدرعات، 6 ( 12.2%) في الاستخبارات، وواحد (2%) في سلاح المدفعية. وخدم 44 ضابط (89.8%) في وحدات قتالية، في حين أن 5 منهم (10.2%) لم يفعلوا.
ومن أصل الضباط المتقاعدين الـ 48 جميعاً، كان لدى 35 منهم ( 72.9%) مهنة ثانية في قطاع الأعمال والتجارة، 14 ( 29.2%) في الخدمة الخارجية، 11 ( 22.9%) في السياسة ( لكن اثنان في السياسة فقط)، 8 ( 16.7%) في القطاع الأمني، 4 ( 8.3%) في الوسط الأكاديمي والأبحاث، و3 ( 6.3%) في الخدمة الخارجية.
ومن أصل 48 ضابط متقاعد، من المعروف أن 25 منهم ( 52.1%) كان لديهم علاقات مع أحزاب سياسية، وكان لـ 18 من هؤلاء علاقات مع حزب واحد ( كان لخمس ضباط علاقات مع حزبين ولضابط واحد علاقات مع ثلاثة أحزاب). أما الأحزاب السياسية التي كان للضباط المتقاعدين علاقات معها فمدرجة في الجدول رقم 8 أدناه.

الفترة الزمنية الفرعية الخامسة ( 1988 ـ1997)
في هذه الفترة الزمنية الفرعية الخامسة تم توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية ـ الأردنية، لكن عملية السلام الفلسطينية ترافقت مع العنف وفقدان الثقة المتبادلة. وكان المواجهات العنيفة بين 'إسرائيل' وحزب الله في ' المنطقة الأمنية' لـ'إسرائيل' في جنوب لبنان وحوله مصدراً آخر للتوتر في هذه الفترة الزمنية. أما على الصعيد المحلي، فقد انهارت حكومة الوحدة الوطنية في العام 1990،  وحكمت ثلاث حكومات بقيادة  الليكود، حزب العمال، وحزب الليكود، على التوالي، البلد وعززت سياسات محلية وخارجية مختلفة، خاصة تجاه الفلسطينيين. في كل الأحوال، وعلى المستوى الاقتصادي، تابعت كل الحكومات تحركاتها نحو اقتصاد السوق.
في هذه الفترة الزمني، خدم 50 من كبار الضباط في السلك العام لجيش الدفاع الإسرائيلي، بمن فيهم 47 ضابط برتبة لواء و 3 برتبة فريق. وتظهر البيانات حول هؤلاء الضباط بأن المعدل الوسطي لسن الترقية لرتبة لواء كان 45.2 عاماً، ما يعني أعلى بقليل من قبل، ووفقاً للبيانات حول كل الضباط، ماعدا ضابط واحد، فقد كان المعدل الوسطي لسن التقاعد 52.5 عاماً، تماماً كمعدل الفترة الزمنية السابقة.
الجزء الثاني...

موقع الخدمات البحثية