قراءات سياسية » حلقة نقاش تحت عنوان الإعلام الإسرائيلي والحرب على غزة

بمناسبة الذكرى الـ 60 لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة. أقام قسم الدراسات المركزي في الجبهة حلقة نقاش تحت عنوان الإعلام الإسرائيلي والحرب على غزة، شارك فيها عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية، وقدمت فيها مداخلات وأوراق مهمة يعيد قسم الدراسات نشر أبرزها وهي:

الورقة الأولى:

نهنئ أنفسنا والرفاق في الجبهة الشعبية – القيادة العامة بذكرى الانطلاقة الـ 60 ونشكركم على هذه الدعوة الكريمة وعلى اختياركم الموفق لعنوان حلقة النقاش في هذه المناسبة العزيزة.

الحقيقة هذه فرصة للتذكير بدور شعبنا في لبنان وبالشهداء الإعلاميين والمثقفين الفلسطينيين الذين ارتقوا هنا وكانوا رواداً في الحقل الإعلامي. لقد جرى اغتيالهم للتخلص من دورهم المميز المؤثر في مخاطبة العالم. وأقدم العدو الصهيوني على استهدافهم مبكراً وفق ما عرف ب "لائحة غولدا مائير"

إنّ العلاقة بين "الحرب والاعلام" قديمة ومتصلة، وسنجد في كتاب "فن الحرب" للاستراتيجي العسكري الصيني "صن تزو" إشارات واضحة لهذه العلاقة الوثيقة بين "الأخبار والحرب" و"صناعة الإشاعة" وبعض الأفكار ذات الصلة بالحرب النفسية، والسياسية، والاجتماعية، والعسكرية. البحث التاريخي يقودنا إلى العديد من الشواهد. وتزداد أهمية الاعلام أكثر في زمننا الراهن. ربما أكثر من أي وقت مضى.

لو أقدم العدو الصهيوني على إطلاق صاروخ الآن على هذه القاعة مثلا حيث تجري الندوة سيكذب ويقول للرأي العام أنه استهدف "مركزاً للإرهاب في مخيم برج البراجنة" وستنقل الصحافة الغربية رواية العدو، ولن يذكروا أننا كنا في ندوة حوارية تتناول دور الاعلام والحرب على غزة. انه يستهدف شعبنا في المخيم بالصواريخ، لكن الجمهور المستهدف، من الرواية والخبر في هذه الحالة، هو الجمهور الغربي والرأي العام الدولي.

كلنا نذكر كيف اختلقت أمريكا فرية وكذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل على سبيل المثال في مواجهة رواية العالم والحقائق الدامغة. ثم أقدمت على احتلال بغداد.

وربما تجدر الإشارة هنا إلى إن الاعلام الإسرائيلي العبري ضعيف وحدوده ضيقة وتأثيره محدود يكاد لا يذكر. الاعلام الصهيوني الغربي هو المشكلة. أي الاعلام في دول المركز الامبريالي. وكما تجري رعاية المشروع الصهيوني في فلسطين بالسلاح والمال والسياسة تجري رعايته بالإعلام ونشر سردية الكيان الصهيوني أيضا، خاصة في ظل هيمنة شبه مطلقة للإعلام الغربي والامريكي بشكل خاص.

مثال: فيلم شهير في الولايات المتحدة (1997) اسمه "واغ ذا دوغ" أو "الذنَب الذي يهز الكلب" من الأفلام المهمة التي تُظهر كيف تجري عملية خداع الراي العام من خلال اختلاق حرب لحرف أنظار الناس عن قضايا أو فضائح السلطة. تماما كما فعلت إدارة كلينون بعد الفضيحة الجنسية المشهورة لـ "بيل كلينون (فضيحة مونيكا لوينسكي) وللتغطية على الخبر، جرى قصف العراق وأفغانستان والسودان وغيرها واختلاق العديد من الصراعات وارتكاب جرائم من أجل تضليل وخداع الرأي العام وحرف اهتمامه عن متابعة هذه القضية.

ثمة مؤسسات صحافية وإعلامية مهمة في الغرب لها مصداقية عالية حول ما تنقله وتكتبه، كصحيفة نيويورك تايمز مثلا. لكن هذه الصحيفة الكبرى والمهمة تفقد كل اخلاقيات المهنة وتتحول إلى أداة مجرمة وصحيفة كاذبة حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وما يجري في غزة.

مؤسسة هوليود تقوم هي الأخرى بدور كبير وخطير في تضليل الجمهور وتشويه الحقيقة. وهناك الاف الأفلام التي جرى انتاجها من أجل تكريس صورة معادية للفلسطينيين والعرب والمسلمين، ومن أجل التعاطف مع الكيان الصهيوني.

يحدث كل هذا لأن الاعلام ليس محايداً. الاعلام جزء من أداوت العدو، ومنحاز بالطبيعة. جزء من الصراع والمعركة، جزء من المؤسسة الحاكمة، ناطق باسم الطبقة المهيمنة، بل حتى ما يسمى "الموضوعية" و "الحياد" هو في الجوهر موقف.

وفي حالة الصراع على السردية فإما ان تكون وسيلة الاعلام مع الرواية الفلسطينية أو مع الرواية الصهيونية. هذا ما يعكس حالة الاستقطاب الجارية اليوم على الصعيد العالمي.

ومع بدء الحرب على غزة رأينا كيف جرت عملية التخلص من كل صوت يدعو لاحترام الحقيقة أو حتى "المساواة بين الطرفين" ووقف العدوان. وطرد العديد من الإعلاميين والإعلاميات من مؤسسات في الغرب لأن هؤلاء دافعوا عن السردية الفلسطينية، أو قالوا الحقيقة. 

في المانيا مثلا لا يمكن لصحفي نشر مقال نقدي للسياسة الإسرائيلية. المقال ذاته يمكن نشره بسهولة في صحيفة صهيونية في الكيان الصهيوني، لكن لن تحتمله صحف المانيا المعادية بشدة للفلسطينيين. انها أكثر تطرفا وعنصرية من صحف الكيان نفسه في بعض الأحيان.

مع ذلك، يمنع العدو الصهيوني دخول الطواقم الصحفية الدولية إلى قطاع غزة منذ بدء العدوان وحرب الإبادة الجماعية على شعبنا في غزة. وفي الوقت نفسه يستهدف الصحفيين والكتاب والمؤثرين في القطاع من أجل منع خروج القصص والأخبار والحقائق من داخل غزة إلى العالم.

 إن الحقيقة وحدها لا تحرر الشعوب. مع ذلك، فإن ما نحتاجه كفلسطينيين وعرب هو اعلام رصين ومحترم يقول الحقيقة للعالم دون مبالغة او تقزيم.

اعلام ثوري وبديل يقوم بدور تعبوي وتحريضي، ويدعو الناس للقيام بعمل ما. وهذا ممكن ولدينا القدرة على فعل ذلك رغم كل الصعاب والتحديات.

خالد بركات

الورقة الثانية:

*كيف تناول الإعلام الغربي السابع من أكتوبر*

1- التحيّز في التغطية التي تعطي الأولوية للسردية الإسرائيلية على السردية الفلسطينية والتي تعتمد إلى حدّ بعيد على التقارير الرسمية الصادرة عن الجانب الإسرائيلي من دون التدقيق في الحقائق بشكلٍ مناسب، ويترجم ذلك بالتالي:

أ- عدم الإبلاغ عن عدد الإصابات الحقيقي في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ب- عدم العمل على إخبار القصص الشخصية حول الخسائر والمعاناة بشكلٍ معمّق.

ج- عدم نقل وجهات نظر الفلسطينيين بشكلٍ كاف.

الدعاية من الجانب الإسرائيلي:

تم دفع مبلغ تسعة مليون دولار للدعاية في الغرب.

   1- مقاتلوا حماس قطعوا رؤوس أطفال إسرائيليين وأحرقوا جثثهم.

 2- اغتصبوا فتيات إسرائيليّات قاصرات.(جو بايدن رددها وتراجع عنها).

3- لديهم أنفاق سريّة ومنشآت عسكريّة مخبأة تحت البنى التحتيّة المدنيّة كالمستشفيات ومخيّمات اللاجئين.

2- محو التأطير التاريخي الكافي تكون بحيث أغفلت عن 75 عاماً من الغزو الإسرائيلي لفلسطين و56 عاماً من الاحتلال العسكري واالجمهور الغربي يفتقر إلى السياق الضروري لفهم الوضع الحالي.  

3- المنع  من الجانب الإسرائيلي من دخول الصحفيين، وهذا يدفع عدداً من وسائل الإعلام الدولية إلى الاعتماد على البيانات الحكومية الرسمية .

4- اختزال المشهد بـ”الصراع بين إسرائيل وحماس“، ما يؤجّج الاختزالية في التغطية الإعلامية للحرب ويجرّدها من سياقها.

5-  تبنّي الوصف الإسرائيلي للأزمة على أنّها “حرب”، ما يخلق مساواة زائفة بين الطرف المِحتَّل والطرف المُحتَّل. والأصح أنه عدوان، إبادة جماعية، تطهير عرقي، مجرمي حرب.

6- وصف وسائل الإعلام الغربية الإسرائيليين ما دون سن الـ18 بأنّهم أطفال، والفلسطينيين بأنهم قصّر .

7- وعندما يحلّ متحدّثون عرب ضيوفاً في مقابلات على وسائل إعلام غربيّة، غالباً ما يُسألون أوّلاً: “هل تدين حماس؟” وحين يرفض أحدهم الإجابة على السؤال، يلحّ المضيف ويصرّ على الإجابة والإدانة قبل مواصلة المقابلة.

وفي تناقضٍ صارخ، لا يُطلب من الضيوف الغربيين أو الإسرائيليين أبداً على المحطات الإذاعية نفسها إدانة عمليات القتل الإسرائيليّة في غزة.

8- قتل الصحافيين الفلسطينيين...وسكوت بعض الإعلام الغربي المؤثر عن هذه الجريمة .

2- *منصات التواصل* الإجتماعي أدوات لا غنى عنها لتقديم سرديّات بديلة:

 1- سرديّات بديلة، إذ تشكّل منصّات مثل “إنستغرام” و”فايسبوك” و”تويتر” منبراً للمواطنين العاديين على الأرض وتسلّط الضوء على قصصهم الشخصية وصورهم وتحديثاتهم في الوقت الفعلي. وقد انتشرت منشورات ووسوم مثل #FreePalestine  (فلسطين حرة) و #GazaUnderAttack (غزة تحت الهجوم) أدّت إلى زيادة الوعي والحديث عبر الحدود الجغرافية والأيديولوجية). ( قصص عبود).

2- نقل وجهات نظر متنوّعة من خلال عرض قصص قد لا تنشرها وسائل الإعلام التقليدية. على الأرض (الأطباء- المسعفين- الأطباء الغربيون ودورهم) ..

3- تشكيل منتديات للنشطاء والصحافيين والرأي العام من أجل تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان .ِ

4- تؤثّر الأمريكيين، لا سيما الشباب منهم،  حيث يستمدّ الجمهور الأصغر سناً أخباره من وسائل التواصل الاجتماعي – خاصة “تيك توك” و”إنستغرام". (حركة الجامعات الأمريكية).

5- المؤثرين من ممثلين وغيرهم، حفلات الأوسكار،

6- الفيديوهات التي كنا نحصل عليها من منصات وسائل التواصل التابعة للمستوطنين، لأماكان نزول الصواريخ – التظاهرات في الشارع الإسرائلي- وصول فيديوهات المقاومة عن الأسرى.

*من نتائجه* :

التظاهرات وانتشار السردية الفلسطينية في الغرب تمظهر بالتظاهرات والرسائل عبر وسائل التواصل

التظاهرات في الجامعات الغربية والأمريكية

إعادة النظر بموضوع حرية الرأي والتعبير

فضح الزعماء الامريكيين خلال خطاباتهم وإحراجهم

أحمد الصباهي

الورقة الثالثة:

السمات العشر للإعلام الإسرائيلي في الحرب على غزة

يعمل الإعلام الإسرائيلي في الحرب على ترويج سردياته وبناء تصورات مزعومة حول شرعيته، موظفاً نفسه خلال الحرب للعمل على طمس الحقائق وتحريف الواقع بما يتلائم مع المشروع الصهيوني وإخفاء الوجه الحقيقي لهذا المشروع عبر تلميع صورته وتشويه صورة المقاومة، وبأخذ الإعلام الإسرائيلي دوره في الحرب إستناداً إلى ما قاله ديفيد بن غوريون: إن الإعلام: أقام دولتنا على الخريطة وساهم في تكريس وجودها، ويؤدي الإعلام الإسرائيلي دوره في الحرب باعتباره فرقة عسكرية مسلحة بمكياج زائف يخضع للرقابة الأمنية والعسكرية المشددة، ويمارس التضليل وتعزيز الشعارات الإسرائيلية في خدمة المشروع الصهيوني بإمكانيات كبيرة تعمل على تلميع صورة الإحتلال وإسكات التاريخ والحق الفلسطيني.

ومن أبرز  سمات الإعلام الإسرائيلي في الحرب:

1- أنه دعاية منظمة ومخططة ذات أهداف إستراتيجية واضحة، تسبق الأحداث وتواكبها، ويضع لكل حدث ما يلائمه من الأساليب والمضامين، وما يتلائم مع الجمهور الذي يخاطبه والمرحلة التاريخية التي يقع فيها.

2- التركيز على تكرار مجموعة من القضايا والدعاوى الباطلة التي يتم الإلحاج عليها لترسيخها في الأذهان وتثبيتها في ذاكرة الإنسان حتى تصبح وكأنها حقائق يجب التسليم بها، خاصة عندما تطرق مسامعه عبر المذياع وتتجسد صوراً يراها على شاشة التلفاز ويقرؤها بعينيه مكتوبة في صحيفة أو مجلة حيث تقوم الدعاية الإسرائيلية بتكرار المصطلحات والعبارات الزائفة والمقولات الباطلة.

3- إعتماد أسلوب اثارة العواطف والإنفعالات التي تؤدي إلى إستجابة سريعة إستناداً لمنطق تشويه الحقائق والكذب للوصول إلى الجمهور المستهدف والقول بأن ضحايا حرب الإبادة على غزة هم مجرد أضرار جانبية لا أكثر ولا أقل.

4- بث الرعب والخوف عبر إستخدام فنون الحرب النفسية وخلق البلبلة وإثارة الفتن.

5- إستخدام أسلوب الإبتزاز والتهديد ضد من يفكر في تغيير ودحض الرواية والدعاية الإسرائيلية.

6- إستخدام لغة الإستعطاف وترسيخ الرواية الإسرائيلية التي تقول بأن الكيان الإسرائيلي مهدد دوماً من محيط معاد وأن أي تهديد له هو تهديد لمصالح الغرب.

7- إعتماد المرتكزات التاريخية والدينية في الخطاب الإعلامي أكثر من المرتكزات السياسية التي تتجاهل وجود الشعب الفلسطيني على أرضه.

8- العمل على تحويل كل المعارك حتى الخاسرة إلى معارك رابحة من خلال تكرار نشر الرواية الإسرائيلية في الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي.

9- السعي لتثبيت مقولة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض في العقل الغربي وإظهار دور الحركة الصهيونية باعتباره إحيائي إعماري وليس أحتلالي إستعماري.

10- إستخدام شعار ومقولة يهودية الدولة باعتباره السلاح الإيديولوجي الذي يراهن عليه المشروع الصهيوني خاصة الإئتلاف اليميني الحالي بقيادة بنيامين نتنياهو.

وتشرف على هذه السمات كافة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي توجه الإعلام الإسرائيلي للقيام بدوره أثناء الحرب عبر التحكم بالتغطية الإخبارية والرقابة المشددة عليها والعمل على تصوير الضحية جلاداً والقتيل قاتلاً، إضافة لاستهداف الصحافيين حيث أستشهد أكثر من 130 صحفياً فلسطينياً و 12 صحفياً لبنانياً، وهذه الأخبار لا يغطيها الإعلام الإسرائيلي كونه إعلام مجند مراقب وغير نقدي بل مجرد كلب حراسة للمستوى السياسي والعسكري وذراع دعائي يعمل خلال حرب الإبادة على تضخيم النجاحات المفترضة للجيش الإسرائيلي، ويدعو إلى مواصلة الحرب التي يمكن القول بأن الإحتلال الإسرائيلي خسر فيها على الجبهة الإعلامية أكثر بكثير مما حققه، وذلك من خلال ضرب السردية الإسرائيلية وظهور مؤيدين جدد للقضية الفلسطينية يشككون في الرواية والدعاية الإسرائيلية لحرب الإبادة على قطاع غزة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد البشري


موقع الخدمات البحثية